الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٦١
ومضمونها، لما يستبطنه طلب الحماية من ذلك، فيظهر من هذا أن لا مفر من تلقي معنى الولاية هذا بعمومها.
إن حمل لفظ الأولياء هنا على عموم معنى الولاية، هو من قبيل إبقاء اللفظ على أصل معناه، دون الحاجة إلى تخصيصه بمعنى ثانوي من معانيه، وذلك لأن المعنى على هذا النحو يستقيم في النص ذاته والنصوص المتعلقة به لو صح تعلقها، ولا تتوقف استقامة المعنى على التخصيص بمدلول ثانوي، أما لو كانت هذه الاستقامة لا تحصل إلا به للزم التخصيص، سواء فهم من سبب النزول أم من نص متعلق بهذا النص، وهذه قاعدة عامة ينبغي الالتفات إليها في فهم القرآن الكريم، بل على العكس من ذلك فإن أخذ معنى الولاية بجوهرها وشمول مدلولها، هو أبلغ في إبانة التحريم ووجهه، فيكون معنى النص كالآتي: * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء..) * تحريم ولايتهم بكل وجوهها لا سيما في جوهرها المشترك بين تلك الوجوه وهو جعل اليد والسبيل على المسلمين. ثم يلي ذلك * (ترى الذين في قلوبهم مرض..) * حيث يذم ويقرع الذين يستنصرون بهم أو يوادونهم أو يعلقون شأنهم بهم بأي وجه، فتكون النتيجة حرمة هذا الأمر لأنه وجه من الولاية من جهة، ولأنه يقود بالضرورة إليها. وهذا الأمر كقولك للذين يأكلون أموال الناس بالباطل:
إن الظلم حرام، لم تأكلون أموال الناس بالباطل. فصدر الكلام يحرم الظلم عامة، وذيله ينكر عليهم أكل الأموال بالباطل، لأنه وجه من الظلم. ولا مبرر للإدعاء بأن الظلم في صدر الكلام مخصص بذيله، لأن استقامة المعنى
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»