الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ٢٦٦
وجهه ومنه الركوع في الصلاة. وقد يوصف الخاضع بأنه راكع على سبيل المجاز لما يستعمله من التطامن والتطأطؤ، مما يعني أن أصل المعنى فيه هو ذلك الفعل من التطأطؤ أو الكبو على الوجه، وإن الأساس فيه اقترانه بهيئة الركوع أي بفعله، لذلك فإن ما يتبادر إلى المخيلة وإلى الذهن من قوله ويؤتون الزكاة وهم راكعون صورة الراكع وفعل الركوع، ولو شئنا أن نفهمه بمعنى الخضوع مجازيا فلا يكون هذا الفهم إلا من خلال استحضار فعل الركوع ذاته وهيأته، لذلك لا مناص من فهم لفظ الركوع بأصل دلالته اللغوية من خلال المصطلح العلمي للكلمة، والذي يمثله ركوع الصلاة خير تمثيل، فيكون المعنى من قوله تعالى * (.. ويؤتون الزكاة وهم راكعون..) * إنهم يؤتون الزكاة حال الركوع أي خلاله، على أن هناك وجوها أخرى عدة تظهر الخطأ في إخراج لفظ الركوع عن أصل دلالته إلى المجاز.
أولا: الأساس في فهم القرآن الكريم هو الظاهر، فلا نلجأ إلى المجاز إلا إذا توفر دليل يوجب ترك الظاهر، من الكتاب أو السنة أو النص ذاته، أو من العقل إذا قضي بأن الظاهر يناقض ثوابت الدين والعقيدة أو الواقع، كما لو كان الظاهر يعني أن الجزء أكبر من الكل، وفي حالتنا التي نحن في صددها لا يتوفر أي دليل من هذا القبيل يسمح بإخراج اللفظ عن معناه من فعل الركوع إلى معنى ثانوي مجازي بالخضوع، لذلك وجب إبقاؤه على ظاهره وأصل معناه المذكور.
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»