الإمامة تلك الحقيقة القرآنية - الدكتور زهير بيطار - الصفحة ١٨٩
شهداء على الناس، أي لمهمة الشاهدية. ونعلم أيضا أن الخطاب الذي بدأه بعنوان الذين آمنوا مخصص لفئة من عموم المؤمنين قد ميزها بثلاثة أوصاف هي: الاجتباء لهم، أبوهم إبراهيم، سبق تسميتهم من قبل بالمسلمين من قبل أبيهم إبراهيم. وكل واحد من عناسر التمييز هذه كافية ولو منفردة لتحقيق التمييز المذكور. غير أنه تجب الإشارة هنا إلى ادعاء البعض في أن الخطاب بصيغة الجمع * (يا أيها الذين آمنوا..) * يجعله خطابا موجها إلى كافة المؤمنين لذا يدعون أنها تفرض تعميم ما تلاها من أوصاف أعطيت للمخاطبين، ليصبح جميع المسلمين مجتنبين وأبوهم إبراهيم وسماهم المسلمين من قبل نزول القرآن.
بيد أن صيغة الخطاب المذكور لا تدل على أن الخطاب لجميع المؤمنين. نعم هي صيغة جمع يصح لو كان المخاطبون جماعة من المؤمنين دون جميعهم، وهذا معلوم من أساليب الخطاب والبيان، فأنت لا تخاطب أربعة عشر مؤمن كلا باسمه في خطاب يخصهم جميعا، تخاطبهم بصيغة الجمع والعنوان الذي تريد إبرازه فيهم مما اشتركوا به جميعا، فإن كان عنوان الإيمان ما ترغب إبرازه وهم جميعهم مؤمنون خاطبتهم به، دون أن تعني بالضرورة المؤمنين قاطبة. وليس في الخطاب ذاته ما يرجح أحد الاحتمالين. بل يحتاج الترجيح إلى قرينة خارجية، لذلك لا تصلح صيغة الجمع في الخطاب بذاتها قرينة على ما عداها في أي من الاتجاهين لذا فإن الوجه الأظهر دلالة في عناصر التوصيف التي تلت هذا الخطاب، له أن يفرض نفسه، بل له أن يرتد على الخطاب بعنوان الذين آمنوا قرينة
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»