فإذا كان الحسين عليه السلام خارجا لأداء واجب الدعوة إلى الله، فلا يكون خروجه لغوا، ولا يحق لأحد أن يعاتبه عليه، لأنه إنما يؤدي بإقدامه واجبا إلاهيا، وضعه الله على الأنبياء وعلى الأئمة، من قبل الحسين وبعده.
وإذا أحرز الإمام تحقق شروط ذلك، وتمت عنده العدة للخروج، من خلال العهود والمواثيق ومجموعة الرسائل والكتب التي وصلت إليه. فهو لا محالة خارج، ولا تقف أمامه العراقيل المنظورة له والواضحة، فضلا عن تلك المحتملة والقائمة على الفرض والتخمين، مثل الغدر به وهلاكه، ذلك الذي عرضه الناصحون، فكيف لو كان المنظور هو الشهادة والقتل في سبيل الله، التي هي من أفضل النتائج المتوقعة، والمترقبة، والمطلوبة لمن يدخل هذا السبيل.
مع أنها مقضية، ومأمور بها، وتحتاج إلى توفيق عظيم لنيلها، فهي إذن من صميم الأهداف التي يضعها الإمام أمام وجهه، لا أنها موانع لإقدامه وأما أهل العراق وسيرتهم، وأنهم أهل النفاق والشقاق، وعادتهم الغدر والخيانة. فتلك أمور لا تعرقل خطة الإمام في قيامه بواجبه، وإنما فيها الضرر المتصور على حياة الإمام وتمس راحته، وليس هذا مهما في حيال أمر القيادة الإسلامية، وأداء واجب الإمامة، حتى يتركها من أجل ذلك، ولذلك لم يترك الإمام علي عليه السلام أهل الكوفة، بالرغم من استيائه منهم إلى حد الملل والسأم، لكن لا يجوز له - شرعا - أن يترك موقع القيادة، وواجب الإمامة من أجل أخلاقهم المؤذية لشخصه.
وكذلك الواجب الذي ألقي على عاتق الإمام الحسين عليه السلام بدعوة أهل العراق، وأهل الكوفة، بالخروج إليهم، والقيام بأمر قيادتهم، وهدايتهم إلى الإسلام، لم يتأد إلا بالخروج، ولم يسقط هذا الواجب بمجرد احتمال العصيان