ونقري ما شئت أن تنقري (1).
وأما ابن عمر: ذلك المتظاهر بالورع المظلم، الذي لم يميز به الحق ولم يبتعد عن الباطل، يحاول - بزعمه - الانعزال عن الفتنة، رغبة في العفة عن الدماء، فإنه كان أصغر قدرا من أن يجد الحل المناسب للخروج عما يدخل فيه، إن أحسن أن يدخل في شئ، فهو على أساس من نظرته الضعيفة والملتوية امتنع عن مبايعة الإمام علي أمير المؤمنين عليه السلام المجمع على إمامته، لكنه يقصد الحجاج الملحد ليبايعه، زاعما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من بات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية (2) فمد الحجاج إليه رجله يبايعه بها، وحاججه في امتناعه عن بيعة علي عليه السلام بأنه لما ترك بيعته أما كان يخاف أن يموت في بعض تلك الليالي، فكان الحجاج الملحد، أبصر في ذلك من ابن عمر المتزهد.
وهكذا يجر الخذلان بعض الناس إلى العمى عن رؤية ما بين يديه، وهو يدعي أنه يرى الأفق البعيد وبعد هذه المواقف الهزيلة، يأتي ابن عمر إلى الحسين عليه السلام ليحشر نفسه في الناصحين له بعدم الخروج إلى العراق، زاعما:
[245] إن أهل العراق قوم مناكير، وقد قتلوا أباك وضربوا