يستخفنك الذين لا يوقنون) (1).
رسالة الإمام إلى معاوية:
ولقد اغتنم الإمام جواب هذا الكتاب، فرصة لتوجيه السهام المربكة على معاوية، لتنتزع ثقته بتدبيراته الخبيثة، وينغص عليه استثمار جهوده الكبيرة التي زرعها طيلة سنوات حكمه، وليعرفه أنه رغم السكوت المرير طيلة تلك الفترة، فإن الإمام له ولمخططاته بالمرصاد، وأنه مراقب لأعماله وتصرفاته الهوجاء ومتربص للوثبة عليه حينما تسنح له الفرصة، وتؤاتيه الإمكانات، وإن لم تحن بعد.
ولقد كان جواب الإمام - على ذلك التهديد - صاعقة على معاوية بحيث لم يخف تأثره من ذلك فأصدر كلمة قصيرة تنبي عن كل مخاوفه، فقال: [ص 198] إن أثرنا بأبي عبد الله إلا أسدا (2).
ولقد تداول الرواة نبأ هذا الجواب وتناقلوه، واعترف كثير منهم بشدة محتواه.
قال البلاذري: فكتب إليه الحسين كتابا غليظا، يعدد عليه فيه ما فعل...
ويقول له: إنك قد فتنت بكيد الصالحين مذ خلقت، فكدني ما بدا لك.
وكان آخر الكتاب: والسلام على من اتبع الهدى.
وكان معاوية - من شدة تأثره وارتباكه - يشكو ما كتب به الحسين إليه، إلى الناس (3).