23 - مع الشعر والشعراء الشعر يجري في وجدان الشعوب مجرى الدم، ومعه يجري ما يحتويه الشعر من معنى ومضمون، وللشعراء في المجتمعات - وخاصة المجتمع العربي - وجود مؤثر لا يمكن إنكاره.
واختلف الشعراء في أغراضهم وأهدافهم، باختلاف طبائعهم، وأصولهم، وانتماءاتهم القبلية والطائفية، وأهدافهم وأطماعهم الدينية والدنيوية، وما إلى ذلك من وجهات نظر، وغايات، وآمال.
والمال الذي يسيل له لعاب كثير من الناس، يغري من الشعراء من امتهنوا الشعر، وحملوه مؤونة حياتهم المادية، قبل أن يكون بنفسه غرضا، يحدوهم إلى نيل مكانة اجتماعية في الأدب واللغة، أو خلود الذكر في الحضارة البشرية، أو علو الكعب والشرف بين الأقران والأهل والعشيرة، أو الخلد والثواب والأجر في الآخرة.
أما المال عند أهل الشرف والكرامة والإنسانية والعزة النفسية، من أصحاب الأهداف السامية الكبرى، فهو وسيلة وليس هدفا.
وكما أن الله تعالى ذكره استخدم المال لأغراض العبور على الجسور، والوصول بها إلى الأهداف الربانية، فجعل للمؤلفة قلوبهم حقا في أموال الله!، فكذلك الحسين عليه السلام، اتباعا للقرآن، وتطبيقا له فإنه كان يستخدم المال لهدف معنوي إلهي سام. فكان يعطي شعراء عصره، ولما عوتب، قال:
[199] إن خير المال ما وقى العرض (1)