ولحق به الإمام، وهو يصرخ به من خلفه: " يا هاشم حتى متى تأكل الخبز، وتشرب الماء " والتفت هاشم فرأى سيده فتوقف قليلا ريثما تسلم منه لواءه الخاص، وقال له: أريد هذا أن أراه يرفرف في قلب الأعداء فأجابه بكل ثقة واطمئنان: " والله يا أمير المؤمنين لأجهدن على ألا أرجع إليك أبدا ".
وتقدم إلى الميدان، وهو يقتحم صفوف أهل الشام، وقف معاوية مشدوها ذاهلا بهذا المنظر، وصاح بدون شعور: أعور بني زهرة قاتله الله... وهاشم يرقل بالراية إرقالا نحو معسكر طاغية أهل الشام، والشمس قد مالت إلى المغيب.
وطاف هاشم بجيشه يخطب فيهم، ويقول: " إلا من كان يريد الله والدار الآخرة فليقبل، لا يهولنكم ما ترون من صبرهم فوالله ما ترون منهم إلا حمية العرب، وصبرها تحت راياتها وعند مراكزها، وإنهم لعلى الضلال، وإنكم لعلى الحق. يا قوم اصبروا، وصابروا،