معاوية، بل التفت إليه كالمجنون، وهو يصرخ: ليته كان يزيد، وأراك كيف تصبر... يا معاوية تركت ولدك في الشام يمرح، وجئت بأولادنا إلى ساحة الحرب، وتبعناك ثم أتريد أن تيتمنا.
وعاد عبد الله هاربا يجر أذيال الخيبة والفشل، فقد تمكن من الفرار من سيف المرقال، واستقبله أبوه وهو يهدئ روعه ويخفي فشله: " لا عليك يا ولدي فقد سبقك أبوك بالهرب من سيف هذا البطل ".
وطاف الإمام بين أصحابه يشجعهم على القتال، ويحرضهم على الشهادة، ودارت الحرب بأشد ما شاهدها هاشم في حياته من قسوة وعنف، وامتد الليل بظلامه، والقتال بعد قائم لم تخف سورتها إلا بعد أن يتجاوز الليل، ومع الفجر اجتمع الإمام بقادة جيشه: الأشتر، وعمار، والمرقال، يشرح لهم خطته العسكرية، ووجه هاشما إلى القلب، وكان ما أراد لقد صمد هاشم في القلب وقد فر من فر، وجندل من جندل.