الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٨٩
ويقول محمد حسن الأعظمي فيما كتبه لنا عارضا رأي المستعليين الذين يطلق عليهم اسم: البهرة:
صنف الآمر كتابا يدافع فيه عن وجهة نظره ويقيم الأدلة على إمامة أبيه المستعلي ما يدلنا أن الخصومة كانت في ذلك العهد على أشد ثورتها، حتى أن الخليفة لم يكتف بما يصنفه دعاته فتصدى بنفسه للدفاع وحمل القلم على النزاريين، فما لبثوا أن دبروا كمينا لاغتياله فطعنوه بسكين، وقبل أن تدركه الوفاة أدرك أن الأمر سيؤول إلى شر وأن الخصومة قد لا تنتهي عند هذا الحد وأرسل ولده (الطيب) بطريقة سرية وهو صغير لم يتجاوز الخامسة من عمره، مع ابن مدين داعي دعاته والدعاة الآخرين واستوصى به الملكة الحرة أروى بنت أحمد آخر الملوك الصليحيين الذين قاموا في خلافة المستنصر دعاة ينشرون المذهب الفاطمي في بلاد اليمن.
واستناب الآمر عنه في الملك أحد بني عمومته ولقبه بالحافظ. ومن هذا اللقب نستدل على أن الملك أصبح وديعة محفوظة وأمانة ترد إلى أهلها فإن الحافظ لم يكن من أبناء الأئمة ولا وارثا شرعيا لها. ولكنه غصب الذمة واغتصب الوديعة واستأثر لنفسه بالملك. وقد خلا له الجو بموت الآمر وذهاب الطيب، فولى عنه الدعاة وجوههم، وشاع الاضطراب وانفسح المجال للأدعياء والوزراء ينادون بأنفسهم. ولم يكن للحافظ من الأمر شئ وقد ازداد الحال من سئ إلى أسوأ في خلافة من جاء بعدهم وهم الظافر (544 - 549)، والفائز (549 - 555)، والعاضد (555 - 567)، حتى انقرضت أسرتهم بقيام الأيوبيين، أما الطيب فقد ولى دعاة مطلقين بعد الملكة الحرة أروى بنت أحمد الصليحية فأصبحت هذه الدويلة دينية محضة بعد الصليحيين لا شأن لها بالسياسة الدنيوية. وقد اعتصموا بجبل حصين من جبال اليمن يتعاقب منهم الدعاة المطلقون بنص الأئمة الذين بدأوا دور الاستتار الكبير من عهد الطيب حتى بلغ عدد هؤلاء الدعاة ثلاثة وعشرين باليمن ثم انطلقوا بالدعوة إلى بلاد الهند وأقام بها الدعاة كذلك حتى بلغ عددهم مثل عدد أسلافهم باليمن، وكان جملتهم ستة وأربعين إلا أن الأخير منهم قتل في
(٨٩)
مفاتيح البحث: الهند (1)، القتل (1)، الغصب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»