واتجه آلاف من أرباب القلم والفكر إلى القاهرة يساهمون في إرساء قواعد حضارة عالمية راقية..
... وقد نجح بعض الخلفاء الفاطميين في جعل البحر المتوسط بحيرة فاطمة وسيطروا على جزره وأقاموا علاقات اقتصادية وثيقة مع دول أوروبية.
والتبادل الاقتصادي من وسائل انتقال الفكر. ومد الفاطميون نفوذهم إلى بلاد الشام والحجاز واليمن وأرجاء أخرى في العالم الإسلامي. وكان للفاطميين علاقاتهم الخارجية التي تراوحت بين الصداقة والعداء وأثرت كلها في الحياة الفكرية. وأثرت هذه العوامل كلها في عالمية الفكر في العصر الفاطمي فلم يعد فكرا محليا إقليميا.
واهتم الخلفاء الفاطميون بالنهضة الفكرية، فكان كثير منهم على جانب كبير من العلم والثقافة، واهتموا بالمؤسسات التعليمية والفكرية وأصبحت قصورهم مراكز فكر وثقافة وضمت تلك القصور مكتبات ضخمة بذلوا المال والجهد في جمع كتبها من أرجاء العالم. وأصبحت القاهرة كعبة العلماء والأدباء والفقهاء.
وكان الأزهر منارا للعلم والثقافة. وأثر الخلاف المذهبي في الحياة الفكرية، فانصرف كثير من أهل السنة عن مخاطر الحياة السياسية إلى العلم والفكر، وانتعشت أحوال أهل الذمة في العصر الفاطمي فكان لهم دورهم أيضا في الحياة الفكرية إلى جانب بروزهم في مجالات السياسية والإدارة... وأدت العلاقات الدولية والاتجاهات العالمية إلى انتعاش الحياة الفكرية مرة أخرى في مدينة الإسكندرية...
وخلاصة القول: كان الفكر في العصر الفاطمي مرحلة هامة متميزة من مراحل تطور الفكر الإسلامي. وقد رأس الفاطميون أسسا فكرية وطيدة قام عليها فكر الأجيال التالية. وإذا كانت هذه المرحلة الفاطمية قد شهدت صراعا فكريا بين أهل السنة والشيعة، فإن هذا الخلاف وذلك الصراع كان ظاهرة صحية في المجالات الفكرية وهي تثبت حياة الأمة الإسلامية وسعيها إلى المكان. كما أدي الخلاف أحيانا إلى جدال وحوار ونقاش أثري النشاط الفكري حيث انطلقت ألسنة