الإسماعيليون والمغول ونصير الدين الطوسي - حسن الأمين - الصفحة ٢٣٣
تنضب منها المياه صيفا ولا شتاء، وكذلك تحت الأشجار والنخيل كل ذلك للإبهام على اللصوص والمغيرين.
قال: وكانت الأموال والذخائر تحمل إليه من كل بلد من قبل الدعاة إلى سلمية، وكان الإمام قد حفر سردابا في الأرض من الصحراء إلى جوف داره بسلمية طوله اثني عشر ميلا، وكانت الأموال تحمل على الجمال فيفتح لها باب السرداب في الليل وتنزل فيه بأحمالها عليها حتى تحط في داخل الدار، وتخرج في الليل ويعمى على باب السرداب بالتراب، فلا يدري به أحد. وكانت الأموال عظيمة حتى يقال إنه ما كسب المهدي بعد أن فتح الله له إلا نحوا مما خلف بسلمية (1) (انتهى).
السلمية تقع في سهل مديد على أبواب صحراء الشام من الجهة الغرببة. قال عنها اليعقوبي في كتابه (البلدان): سلمية مدينة في البرية... وكان عبد الله بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب قد ابتناها وأجرى إليها أنهرا واستنبط أرضها حتى زرع فيها الزعفران. وأهلها من ولد عبد الله بن صالح الهاشمي ومواليهم وأخلاط من الناس تجار ومزارعين.
وفي سلمية وسهولها المديدة يقول المتنبي في إحدى قصائده بسيف الدولة:
فأقبلها المروج مسومات * ضوامر لا هزال ولا شيار تثير على سلمية مسبطرا * تناكر تحته لولا الشعار وقد كان عبد السلام بن رغبان (ديك الجن) يفد إليها في جوار جعفر بن علي الهاشمي. ولما توفي جاءها من حمص ورثاه بقصيدة جاء فيها:
على هذه كانت تدور النوائب * وفي كل جمل للذهاب مذاهب نزلنا على حكم الزمان وأمره * وهل يقبل النصف الألد المشاعب

(1) كتاب استتار الإمام، ص 108.
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»