التي أدت إلى انفصال الضمير عن العلم، منذ ذلك الحين حدث الانقلاب الأول في لتاريخ الإسلامي وقد كان هذا الانقلاب أعمق وأخطر مما نتصور " إلى أن يقول: " وصار الإسلام نصا وليس فكرة ورسالته " (انتهى).
أما عن التجزئة السياسية الإدارية فما أبعد ما ذكره الأستاذ السماك عن حقائقها! من قام بأول تجزئة سياسية إدارية لما سمه الأستاذ السماك:
الإمبراطورية الإسلامية؟.
إن التجزئة السياسية الإدارية التي كانت أساسا لكل التجزئات والانفصالات هي التجزئة التي قام بها عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان.
هذه التجزئة التي فصلت القسم الغربي من الدولة عن القسم الشرقي فصلا نهائيا، وتركت ذلك القسم لمصيره يعالجه وحده ما أدى في النهاية إلى ضياعه ذاك الضياع الذي يعرفه الأستاذ السماك ويعرفه غيره أيضا.
صار على الأندلس بعد فصلها أن لا تأمل في قوة الدولة الكبرى، بل أن تعتمد على نفسها في الاحتفاظ بكيانها في مواجهة أوروبا الغربية، وأن لا تمد ببصرها إلى القوة الإسلامية المتنامية بعيدا عنها.
وعندما نراجع صفحات التاريخ يتبين لنا أن المد الإسلامي الذي كان آخذا بالاندفاع في أوروبا ارتد إلى الانحسار وقت قام الكيان الانفصالي. فكان أن فقد المسلمون كل ما بأيديهم في فرنسا ثم تقدم شارلمان لغزو الأندلس نفسها، ماشيا الخطوات الأولى فيما عرف بحرب الاسترداد التي انتهت بسقوط الأندلس La reconquista.
إن الذي ينال من تمجيدكم ما ينال، والذي تلقبونه ب (الداخل) رفعا لشأن دخوله إلى الأندلس، هو ومن كان قبله ومن جاء بعده أساس البلاء ومصدر الداء.
وإذا كان عبد الرحمن بطل التجزئة الأولى، فإن هارون الرشيد هو البطل الثاني في التجزئة، فقد أنعم الرشيد على أحد رجاله إبراهيم بن الأغلب بولاية إفريقيا، على أن تكون هذه الولاية متتابعة في نسل إبراهيم هذا، فيليها بعده ابنه ثم