فهل تمحو الحسنة عنده السيئة فلا تنالني الآن قلعته بالشر إذا عزمت على الصعود إليها؟! أم أن حقده وحقد قومه قد وصل إلى جماداتهم فلا تنسى السيئات، وتكون الآن فرصتها للانتقام؟!.
لم يكن هناك مجال للتردد لأن خوف الصعود مشيا على الأقدام قد أزاله إحضار (حمارة) من القرية أعدها الرفاق لي، فامتطيتها ومضت صاعدة بي وأنا لا أكاد أتماسك على ظهرها لما في الطريق من مزالق، وصبرت على ذلك حتى بلغنا مكانا لا تستطيع حتى (الحمارة) سلوك طريقه، فكان لا بد من النزول والتوقف.
ونزلت متطلعا إلى موقع القلعة، فإذا لا يزال بيننا وبينها مراقي طويلة.
هيهات أن يتاح لي اجتيازها على قدمي، فقررت الاكتفاء بما وصلنا إليه، بعد أن عرفت الكثير مما يجب معرفته. ولكن تشجيع الرفاق، والتفكير بخيبة عدم الوصول إلى القلعة بعد أن صرت على وشك الوصول إليها. كان دافعا على المغامرة فمشيت وئيدا، ومضيت أمشي قليلا وأجلس كثيرا حتى بلغنا القمة المنشودة.
لم يبق من القلعة بعد ما أمر هولاكو بتخريبها، إلا بقايا جدران وأكوام من الأحجار، أو أحجار متناثرة، وأطال غرف، وبقايا صهاريج ماء، وغرف منحوتة في الصخر كانت على ما يبدو صهاريج مائية.
إلى الشرق من القلعة واد صخري سحيق، وإلى الغرب واد مثله وكذلك إلى الشمال والجنوب ولكنها أودية غير صخرية، وهي أودية يتعذر على جيش مهاجم للقلعة أن يجتازها سليما.
ووراء هذه الأودية ما لا يدرك الطرف مداه من جبال وأودية، ونقول جبال وأودية لأن لا كلمات أخرى تحل محلها، وإلا فهي فوق أن تحمل اسم الجبل أو الوادي، إذا كان مفهوم ذلك ما يمكن أن يتخيله الإنسان مما سبق أن رآه من الجبال والوديان.
وإذا تجاوزت التفكير بالماضي والاعتبار به، واكتفيت بالنظر إلى ما هو أمام