منها بالفكر الحر وبلا عصبية، فيستمعون القول ويتبعون أحسنه. ولعله لا توجد لعالم شيعي، أينما كان، مكتبة شخصية خصوصية خالية من مؤلف لإخوانه من أهل السنة سواء كان في التفسير، أو الحديث، والفقه، أو غير ذلك، وكيف لا والشيعة تطلب - الهداية والحقيقة، وتسعى لإدراك الحق، وتكابد للوصول إلى النجاة والرشاد، وتريد الحكمة التي من ضالة المؤمن وتأخذها أينما وجدها؟
فهذا كتاب " مسائل الخلاف " للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المعروف بشيخ الطائفة (المتوفى سنة 460 ه. ق) يحتوي على مذاهب أكثر الفقهاء، البائدة منها، كمذهب الشعبي، والأوزاعي، والطبري، والأصفهاني (داود بن خلف الظاهري) وغيرهم والباقية منها كالمذاهب الأربعة للأئمة الأربعة (نعمان ثابت الإيراني - أبو حنيفة - مالك بن أنس، محمد بن إدريس الشافعي وأحمد بن محمد بن حنب المروزي) ثم المؤلف يقارن بين تلك الآراء وبين ما ارتضاه رأيه، واقتضاه مذهبه، فيستدل لما اختاره، وافق مذهب غيره أو خالفه.
هذا شأن الشيعة، المأخوذ من القرآن والسنة، بإرشاد من أهل البيت وعترة الرسول، حتى ولو كان بعنوان الرد وعدم القبول!
- 14 - ويناسب في هذا الموضوع أن يقال: بماذا يصح أن يتعذر أعظم علماء الحديث عند أهل السنة، البخاري (محمد بن إسماعيل) حيث ترك التحديث عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الملقب بالصادق، الراوي عن أبيه عن آبائه عن جده رسول الله (ص)؟
والإمام الصادق هو الذي لو كان ريب في عصمته وإمامته! لا مجال للريب في زهده وتقواه وعلمه وهداه. وهو الذي كان أبو حنيفة يعظمه ويبجله، ويستفيد منه، ويتواضع به وهو الذي كما في الحلية لأبي نعيم " حدث عنه من الأئمة والأعلام