الإسلام والشيعة الإمامية في أساسها التاريخي - محمود الشهابي الخراساني - الصفحة ٢٤
وسمع هذا الكلام المروى بالاستفاضة عن إمام المذهب، جعفر بن محمد الصادق (ع) " السنة إذا قيست محق الدين " وسمع مذاكرة الإمام مع الإمام أبي حنيفة في بطلان القياس 1، وشاهد من شاهد كتب الشيعة في أصول الفقه، أنه فيها انعقد فصل للكلام على القياس وإبطاله؟
والعجيب أنه لما قلت، بعد ما جلسنا معا، من أين قلت ما قلت أيها الأخ العزيز؟ قال: ترجم لي بعض من يعرف الفارسية، من كتاب فارسي! فقلت: أليس عجيبا منك، مع مقامك السامي في العلم والفضل، ومع تتبعك الوفير، وتبحرك - الشهير من طرف، ومع كثرة المؤلفات الموجودة، قديما وحديثا، من علماء الشيعة بالعربية من طرف آخر، أن لا تراجع إليها، وأن تعتمد على ما ترجم لك من كتاب

1 - قال الحافظ أبو نعيم الإصبهاني، في كتابه " حلية الأولياء " (المجلد الثالث - الصفحة ال 196 -) ذيل ترجمة " الإمام الناطق، ذو الزمم السابق، أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق - "، بالإسناد عن عمرو بن جميع قال:
" دخلت على جعفر بن محمد أنا وابن ليلى وأبو حنيفة "، وبالإسناد عن عبد الله بن شبرمة، قال: " دخلت أنا وأبو حنيفة على جعفر بن محمد " " فقال لابن أبي ليلى: من هذا معك؟ قال: هذا رجل له بصر، ونماز في أمر الدين قال: لعله يقيس أمر الدين برأيه. قال: نعم. فقال جعفر لأبي حنيفة ما اسمك؟ قال:
نعمان. قال: يا نعمان هل قست... " بعد كلام طويل فقال: يا نعمان حدثني أبي عن جدي أن رسول الله (ص) قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس. قال الله تعالى له:
أسجد لآدم. فقال: " أنا خير منه خلقتني من نار، وخلقته من طين " فمن قاس الدين برأيه قرنه الله تعالى يوم القيامة بإبليس لأنه اتبعه بالقياس ".
قال الحافظ بعد ذلك:
" وزاد ابن شبرمة في حديثه: ثم قال جعفر: أيهما أعظم، قتل النفس أو الزنا؟
قال: قتل النفس. قال: فإن الله عز وجل قبل في قتل النفس شاهدين ولم يقبل في الزنا إلا أربعة. ثم قال: أيهما أعظم: الصلاة أم الصوم؟ قال: الصلاة. قال: فما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فكيف، ويحك، يقوم لك قياسك؟ اتق الله ولا تقس - الدين برأيك. "
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»