الأخلاق الحسينية - جعفر البياتي - الصفحة ٣١١
الإثم، ونفثة الشيطان، ومطفئي السنن. ويحكم! أهؤلاء تعضدون، وعنا تتخاذلون؟! أجل والله غدر فيكم قديم، وشجت عليه أصولكم، وتأزرت فروعكم، فكنتم أخبث ثمرة، شجى للناظر، وأكلة للغاصب) (1).
هكذا واجههم بشجاعة فريدة، فاضحا لحالهم، مثبتا حسن الوفاء وقبح الغدر، ودناءة الغادر.. فما كان منهم إلا أن هجموا عليه فقتل منهم خلقا، فعادوا عليه يستشعرون الضعة والصغار في أنفسهم، فشفعوا غدرتهم تلك بغدرة أخرى حين سددوا إليه السهام من بعيد، ورموه بالحجارة من بعيد، فأصابت منه مواضع في بدنه الشريف جعلته يقع إلى الأرض بعد جهد جهيد من قتال مرير، وعطش شديد، ونزف لم ينقطع أعياه.
فإذا سقط عادت إلى نفوس القوم قوة غدرهم فاقتربوا منه " عليه السلام " وأحاطوا به، وقد مكث طويلا من النهار ولو شاء أن يقتلوه لفعلوا، ولكنهم كان يتقي بعضهم ببعض، ويحب هؤلاء أن يكفيهم هؤلاء، فنادى شمر في الناس:
ويحكم ما تنتظرون بالرجل؟! اقتلوه. فضربه ذرعة بن شريك على كتفه (أو على يده اليسرى)، وضربه آخر على عاتقه، وطعنه سنان بن أنس بالرمح، ثم انتزعه فطعنه في بواني صدره، ثم رماه سنان أيضا بسهم فوقع في نحره، فنزع " عليه السلام " السهم من نحره وقرن كفيه جميعا، فكلما امتلأتا من دمائه خضب بهما رأسه ولحيته وهو يقول: هكذا ألقى الله مخضبا بدمي، مغصوبا على حقي. فقال عمر بن سعد لرجل عن يمينه: انزل ويحك إلى الحسين فأرحه. فبدر إليه خولي ابن يزيد الأصبحي ليحتز رأسه فأرعد، فنزل إليه سنان بن أنس النخعي فضرب بالسيف حلقه الشريف... حتى قتلوه.

١ - اللهوف: ٥٤، وتاريخ دمشق / لابن عساكر ٤: ٣٣٣، ومقتل الحسين (ع) / للخوارزمي 2: 6.
(٣١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 306 307 308 309 310 311 312 313 315 316 317 ... » »»
الفهرست