آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٩٣
قال ابن المنادي: وفي رواية أبي صالح عن بن عباس: المهدي اسمه محمد بن عبد الله، وهو رجل ربعة مشرب بحمرة، يفرج الله به عن هذه الأمة كل كرب ويصرف بعدله كل جور، ثم يلي الأمر بعده اثنا عشر رجلا، ستة من ولد الحسن وخمسة من ولد الحسين، وآخر من غيرهم ، ثم يموت فيفسد الزمان. وعن كعب الأحبار: يكون اثنا عشر مهديا، ثم ينزل روح الله فيقتل الدجال.
قال: والوجه الثالث: أن المراد: وجود اثني عشر خليفة في جميع مدة الإسلام إلى يوم القيامة، يعملون بالحق وإن لم تتوال أيامهم.
ويؤيده ما أخرجه مسدد في مسنده الكبير، من طريق أبي بحر أن أبا الجلد، حدثه أنه لا تهلك هذه الأمة حتى يكون منها اثنا عشر خليفة كلهم يعمل بالهدى ودين الحق، منهم رجلان من أهل بيت محمد، يعيش أحدهما أربعين سنة والآخر ثلاثين سنة. وعلى هذا فالمراد بقوله : ثم يكون الهرج، أي الفتن المؤذنة بقيام الساعة، من خروج الدجال ثم يأجوج ومأجوج إلى أن تنقضي الدنيا. انتهى كلام بن الجوزي ملخصا بزيادات يسيرة.
وتابع ابن حجر قائلا: والوجهان الأول والآخر قد اشتمل عليهما كلام القاضي عياض، فكأنه ما وقف عليه، بدليل أن في كلامه زيادة لم يشتمل عليها كلامه. وينتظم من مجموع ما ذكراه أوجه، أرجحها الثالث من أوجه القاضي لتأييده بقوله في بعض طرق الحديث الصحيحة: كلهم يجتمع عليه الناس.
وإيضاح ذلك أن المراد بالاجتماع انقيادهم لبيعته. والذي وقع أن الناس اجتمعوا على أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، إلى أن وقع أمر الحكمين في صفين فسمي معاوية يومئذ بالخلافة ، ثم اجتمع الناس على معاوية عند صلح الحسن، ثم اجتمعوا على ولده يزيد، ولم ينتظم للحسين أمر بل قتل قبل ذلك، ثم لما مات يزيد وقع الاختلاف، إلى أن اجتمعوا على عبد الملك بن مروان بعد قتل بن الزبير، ثم اجتمعوا على أولاده الأربعة: الوليد ثم سليمان ثم يزيد ثم هشام، وتخلل بين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز، فهؤلاء سبعة بعد الخلفاء الراشدين. والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك، واجتمع الناس عليه لما مات عمه هشام فولي نحو أربع سنين، ثم قاموا عليه فقتلوه، وانتشرت الفتن وتغيرت الأحوال من يومئذ، ولم يتفق أن يجتمع الناس على خليفة بعد ذلك، لأن يزيد بن الوليد الذي قام
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»