آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٨٠
كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم) فهم يستمدون شرعيتهم من رب الأمة، ورب الناس ومالكهم، وهو الحكيم الخبير بما يصلح عباده.. واختياره للناس أفضل من اختيارهم لأنفسهم، وألزم.
فالأئمة الاثنا عشر من هذه الناحية مفروضو الطاعة من الله تعالى شبيها بالأنبياء عليهم السلام، والنبي لا يكون بالانتخاب، ولا يحتاج إلى أن يبايعه الناس.. بل لو لم يبايعه أحد من الناس، وآذوه وقتلوه.. فإن ذلك لا ينقص من وجوب طاعته شيئا! ولو بايعه كل الناس لكان معناه اعترافهم بحق الطاعة الذي جعله الله له، وإعلان التزامهم به، لا أكثر.
فبيعة الناس للأنبياء وأوصيائهم عليهم السلام إنما هي بيعة اعتراف والتزام بحقهم في الإطاعة، وهي تؤكد هذا الحق، ولا تنشؤه.
وهذا هو السبب في أن النبي صلى الله عليه وآله كان يأخذ البيعة على المسلمين في المنعطفات الهامة في حياة الأمة، ليؤكد بذلك عليهم الالتزام بإطاعته في السراء والضراء، والحرب والسلم، وفيما أحبوا أو كرهوا!
وهذا هو السبب نفسه في أن النبي صلى الله عليه وآله بعد أن بلغ الأمة ولاية علي عليه السلام في غدير خم، أمر بأن تنصب له خيمة وأن يهنئه المسلمون بولايته التي أمر الله تعالى بها.. أن يهنئوه تهنئة، ثم يبايعوه..
فالاختيار الإلهي قد تم، وهو يحتاج إلى قبول وتهنئة، ولا يحتاج إلى مشورتهم ولا إلى بيعتهم.. لكن لو طلبها النبي صلى الله عليه وآله منهم وجبت عليهم.. ولو طلبها علي منهم، وجبت عليهم أيضا.
ولهذا لا تنفع مناقشة المناقشين بأن ما طلبه النبي صلى الله عليه وآله من المسلمين في الغدير كان مجرد التهنئة لعلي عليه السلام بالولاية، ولم يكن البيعة.. لأن صدور الأمر الإلهي بولاية أحد يفرغ البيعة البشرية من القوة الإنشائية، ويحصر قيمتها في الاعتراف والالتزام بالأمر الإلهي، عندما يطلبها منهم النبي صلى الله عليه وآله أو الولي عليه السلام.
والقاعدة الكلية في هذا الموضوع: أن الأمة إنما تملك الولاية على نفسها واختيار حكامها
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»