آيات الغدير - مركز المصطفى (ص) - الصفحة ٣٥
على أساس قومي وقبلي وطبقي.. وكان يحكمه (قانون الغلبة والقوة) فالغالب على حق دائما ، سواء كان حاكما، أو قبيلة، أو فارسا، أو صعلوكا!! فما دام استطاع أن يقهر الآخرين ، أو يغزوهم ويقتلهم ويسرق أموالهم، أو يغصبها منهم عنوة، أو يحتال عليهم بحيلة.
. فهو على حق!
فجاءت تشريعات الإسلام لتلغي ذلك كله، وتعلن تساوي الناس أمام الشرع، وتحرم كل أنواع الاعتداء على الحقوق الشخصية، وتركز احترام الإنسان وملكيته وكرامته.
فالأمر الذي جعلهم يحفظون هذه المبادئ من خطب النبي صلى الله عليه وآله أكثر من غيرها ، هو إعجاب المسلمين المؤمنين بها، وكونها تمثل حلا لمشكلة الغزو والقتل التي كانوا يعانون منها.
وقد كان لهذه التوجيهات بصيغها الإلهية والنبوية البليغة، تأثير كبير على مجرى احترام الإنسان وماله وعرضه ورأيه في حياة النبي صلى الله عليه وآله وبعد وفاته، إذ لولاها لساء وضع مجتمع المسلمين أضعاف ما وصل إليه من سوء! ولعادت النظرة إلى الإنسان والتصرف معه إلى الحالة الجاهلية مئة بالمئة!
ولا يحتاج المرء إلى جهد ليلاحظ هبوط هذه القيم والقوانين هبوطا حادا بعد النبي صلى الله عليه وآله.. وأن أكثر الناس احتراما للإنسان وحرياته المشروعة، هم عترة النبي وأهل بيته الطاهرون، ثم الأقرب منهم فالأقرب! فعلي عليه السلام هو الحاكم الوحيد بعد النبي صلى الله عليه وآله الذي لم يجبر أحدا على بيعته، ولم يستعمل قانون الطوارئ أو الأحكام العرفية، ولا أي قانون استثنائي، حتى مع خصومه والممتنعين عن بيعته، بل حتى في حروبه.. مع أنه ابتلي بثلاثة حروب استوعبت مدة خلافته كلها!
بينما استعمل أبو بكر وعمر قانون الجاهلية في القوة والقهر في السقيفة ضد الأنصار، وهموا بقتل سعد بن عبادة! ثم هاجموا الممتنعين عن بيعتهم وهم مجتمعون في بيت علي وفاطمة عليهما السلام، مع أنهم في عزاء بوفاة النبي صلى الله عليه وآله وجنازته كانت مسجاة لم تدفن بعد! وهددوهم بإحراق البيت عليهم إن لم يخرجوا ويبايعوا! ولما تأخروا عن الخروج أشعلوا النار في الحطب، وأحرقوا الباب... الخ!!
* *
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»