سبعون ذراعا في عرض الأديم، وهذا هو المعروف بكتاب علي أو صحيفته، اشتهر أمره بين الشيعة وأئمتهم، وفيها ما يحتاج إليه الناس في مجال الأحكام إلى يوم القيامة، وكانت الأئمة بعد الإمام يصدرون عنه ويروون عنه، ويستشهدون في مواقع خاصة به، وليس كتابه سوى أحاديث أملاها النبي، وكتبها الوصي وورثها أبناؤه كابر عن كابر، ونقلوا عنه شيئا كثيرا، وبذلك صار الإمام هو المدون الرسمي للحديث النبوي، وإن كان بعض الصحابة (1) شاركه في ضبط الحديث النبوي، لكن صحائفهم وكتبهم أحرقت - ويا للأسف - في عصر الخلفاء لمصالح هم أعرف بها، وبذلك خسر المسلمون والسنة النبوية خسارة كبرى لا تستقال، وبالتالي صار الحديث النبوي مرتعا لوضع الوضاعين والكذابين يلصقون به ما شاءوا من الإسرائيليات والمسيحيات والمجوسيات، لكن بقي كتاب الإمام غضا طريا مصونا من الشر، يرثه إمام بعد إمام.
ولأجل إيقاف القارئ على واقع الأمر، نذكر مواصفات الكتاب وميزاته، وشيئا من نصوصه، حتى يتبين أن كتاب علي (عليه السلام) لم يكن إلا جامعا حديثيا، وكان تدوينا مبكرا للسنة النبوية المطهرة:
أ - روى: بكر بن كرب الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: " إن عندنا ما لا نحتاج معه إلى الناس، وإن الناس ليحتاجون إلينا، وإن عندنا كتابا إملاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخط علي (عليه السلام)، صحيفة فيها كل حلال وحرام " (2).
ب - روى فضيل بن يسار قال: قال لي أبو جعفر (عليه السلام): " يا فضيل! عندنا كتاب علي سبعون ذراعا، ما على الأرض شئ يحتاج إليه إلا وهو فيه حتى