أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٨٧
تحدث مريم البتول وامرأة الخليل، فما كان يخبرون به من الملاحم أو يجيبون عن الأسئلة فالكل مما كان يلقى في روعهم.
وهذا النوع من المصدر وإن كان ثقيلا على من لم يعرف مقاماتهم، إلا أنه صحيح لمن درس حياتهم، ووقف على أحوالهم. ولأجل إيقاف القارئ على أن (المحدث) أمر مما اتفق عليه الأعلام نبحث عنه على وجه الإيجاز:
المحدث في الإسلام:
المحدث - بصيغة المفعول -: من تكلمه الملائكة بلا نبوة ولا رؤية صورة، أو يلهم له ويلقى في روعه شئ من العلم على وجه الإلهام والمكاشفة من المبدأ الأعلى، أو ينكت له في قلبه من حقائق تخفى على غيره.
المحدث بهذا المعنى ممن اتفق عليه الفريقان: الشيعة والسنة، ولو كان هناك خلاف فإنما هو في مصداقه.
وقبل ذلك نجد المحدث في الأمم السالفة، فهذا صاحب موسى كان محدثا، فقد أخبره عن مصير السفينة والغلام والجدار على وجه جاء في سورة الكهف (1) فهو لم يكن نبيا، ولكنه كان عارفا بما سيحدث، وقد عرفه بإحدى الطرق المذكورة.
وهذه مريم البتول، كانت الملائكة تكلمها وتحدثها ولم تكن نبية، قال سبحانه:
{وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين} (2).
وقال سبحانه: {إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه

(١) من الآية: ٦٠ - ٨٢.
(٢) آل عمران: ٤٢.
(٥٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 582 583 584 585 586 587 588 589 590 591 592 ... » »»