أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٨٠
الترتيب المألوف، وقد جمعها العلامة الحجة الشيخ علي الأحمدي في موسوعته " مكاتيب الرسول " (1).
نعم بقي هنا سؤال:
هل هذا الكتاب، نفس الصحيفة التي كانت في قراب سيفه أو غيره؟
الجواب: قد ذكر غير واحد من المحدثين إنه كانت لعلي في قراب سيفه صحيفة، لكن الخصوصيات التي ذكرت للكتاب في الروايات تدل مائة بالمائة على أنه غير الصحيفة التي كان يجعلها في قراب سيفه، وكيف وقراب السيف لا يسع إلا صحائف صغار، مهما لفت وأدرجت فأين هي من المواصفات التي وقفت عليها من أنه كتاب طوله سبعون ذراعا، أو طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم، أو مثل فخذ الفالج (2) أو أخرج أبو جعفر كتابا مدرجا عظيما، أو كتابا جليلا أو هو مثل فخذ الرجل مطويا، إلى غير ذلك مما مر ذكرها.
نعم روى أبو جحيفة، قال: سألت عليا (رضي الله عنه): هل كان عندكم من النبي (صلى الله عليه وآله) شئ سوى القرآن؟ قال: " والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا أن يؤتي الله عبدا فهما في القرآن، وما في الصحيفة "، قلت: وما الصحيفة؟ قال: " العقل وفكاك الأسير، ولا يقتل مؤمن بكافر " (3).
إن هذه الرواية مهما صحت ونقلها أئمة الحديث، لا تقابل ما نقلناه عن أئمة أهل البيت حول كتاب علي، ومواصفاته، ومشاهدة جم غفير لهذا الكتاب، وقد نقلنا النزر اليسير من الكثير، وهذا الحديث وما شابهه في التعبير وضع لنفي ما عند علي من ودائع النبوة وعلوم النبي (صلى الله عليه وآله)، والذي يعرب عن ذلك، الإصرار على أنه ليس

(١) مكاتيب الرسول ١: ٧٢ - ٧٩.
(٢) الكليني، الكافي ١: ٢٤١، والفالج: الجمل الضخم ذو السنامين.
(3) الإمام أحمد، المسند 1: 79.
(٥٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 575 576 577 578 579 580 581 582 583 584 585 ... » »»