عنه، وإنما غمدوا سيوفهم اقتداء بالإمام لمصلحة عالية ذكرها في بعض كلماته (1).
وأقصى ما يمكن أن يقال في حق هذه الروايات هو أنه ليس المراد من الارتداد الكفر والضلال والرجوع إلى الجاهلية، وإنما المراد عدم الوفاء بالعهد الذي أخذ منهم في غير واحد من المواقف وأهمها غدير خم. ويؤيد ذلك:
ما رواه وهب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام): " جاء المهاجرون والأنصار وغيرهم بعد ذلك (2) إلى علي (عليه السلام) فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين وأنت والله أحق الناس وأولاهم بالنبي (صلى الله عليه وآله) هلم يدك نبايعك فوالله لنموتن قدامك.
فقال علي (عليه السلام): إن كنتم صادقين فاغدوا غدا علي محلقين. فحلق أمير المؤمنين وحلق سلمان وحلق المقداد وحلق أبو ذر ولم يحلق غيرهم (3).
وهذه الرواية قرينة واضحة على أن المراد هو نصرة الإمام (عليه السلام) لأخذ الحق المغتصب، فيكون المراد من الردة هو عدم القتال معه.
ومما يؤيد ذلك أيضا الرواية التي جاء فيها أن قلب المقداد بن الأسود كزبر الحديد، فهي وإن كانت ضعيفة السند لكن فيها إشعارا على ذلك، لأن وصف قلب المقداد إشارة إلى إرادته القوية وثباته في سبيل استرداد الخلافة.
وظني أن هذه الروايات صدرت من الغلاة والحشوية دعما لأمر الولاية وتغابنا في الإخلاص، غافلين عن أنها تضاد القرآن الكريم، وما روي عن أمير المؤمنين وحفيده سيد الساجدين، من الثناء والمدح لعدة من الصحابة. وهناك كلام قيم للعلامة السيد محسن الأمين العاملي نذكر نصه وهو يمثل عقيدة الشيعة فقال:
وقالت الشيعة: حكم الصحابة في العدالة حكم غيرهم، ولا يتحتم الحكم بها