أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٥٠٣
والمتبادر من الحديث أن كل جزء من الأرض مسجد وطهور يسجد عليه ويقصد للتيمم، وعلى ذلك فالأرض تقصد للجهتين: للسجود تارة، وللتيمم أخرى.
وأما تفسير الرواية بأن العبادة والسجود لله سبحانه لا يختص بمكان دون مكان، بل الأرض كلها مسجد للمسلمين بخلاف غيرهم، حيث خصوا العبادة بالبيع والكنائس، فهذا المعنى ليس مغايرا لما ذكرناه، فإنه إذا كانت الأرض على وجه الإطلاق مسجدا للمصلي فيكون لازمه كون الأرض كلها صالحة للعبادة، فما ذكر معنى التزامي لما ذكرناه، ويعرب عن كونه المراد ذكر " طهورا " بعد " مسجدا " وجعلهما مفعولين ل‍ " جعلت " والنتيجة هو توصيف الأرض بوصفين: كونها مسجدا، وكونها طهورا، وهذا هو الذي فهمه الجصاص وقال: إن ما جعله من الأرض مسجدا هو الذي جعله طهورا (1).
ومثله غيره من شراح الحديث.
تبريد الحصى للسجود عليها:
2 - عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: كنت أصلي مع النبي (صلى الله عليه وآله) الظهر، فآخذ قبضة من الحصى، فأجعلها في كفي ثم أحولها إلى الكف الأخرى حتى تبرد ثم أضعها لجبيني، حتى أسجد عليها من شدة الحر (2).
وعلق عليه البيهقي بقوله: قال الشيخ: ولو جاز السجود على ثوب متصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصى بالكف ووضعها للسجود (3).
ونقول: ولو كان السجود على مطلق الثياب سواء كان متصلا أم منفصلا جائزا

(١) أحكام القرآن للجصاص 2: 389 ط بيروت.
(2) مسند أحمد 3: 327 عن جابر، سنن البيهقي 1: 439 باب ما روي في التعجيل بها في شدة الحر.
(3) سنن البيهقي 2: 105.
(٥٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 498 499 500 501 502 503 504 505 506 507 508 ... » »»