أضواء على عقائد الشيعة الإمامية - الشيخ جعفر السبحاني - الصفحة ٤١٨
كانوا أداة طيعة بيد الأمويين والعباسيين الذين كانوا يرون في مذهب الشيعة خطرا على مناصبهم، فكانوا يؤلبون العامة من أهل السنة على الشيعة يقتلونهم ويضطهدونهم وينكلون بهم، ولذا ونتيجة لتلك الظروف الصعبة لم يكن للشيعة، بل لكل من يملك شيئا من العقل وسيلة إلا اللجوء إلى التقية أو رفع اليد عن المبادئ المقدسة التي هي أغلى عنده من نفسه وماله.
والشواهد على ذلك أكثر من أن تحصى أو أن تعد، إلا أنا سنستعرض جانبا مختصرا منها: فمن ذلك ما كتبه معاوية بن أبي سفيان باستباحة دماء الشيعة أينما كانوا وكيفما كانوا.
كتاب معاوية إلى عماله قد مر ذكر كتاب معاوية إلى عماله في بحث الشيعة في موكب التاريخ فراجع.
ونتيجة لذلك شهدت أوساط الشيعة مجازر بشعة على يد السلطات الغاشمة، فقتل الآلاف منهم، وأما من بقي منهم على قيد الحياة فقد تعرض إلى شتى صنوف التنكيل والإرهاب والتخويف، والحق يقال إن من الأمور العجيبة أن يبقى لهذه الطائفة باقية رغم كل ذلك الظلم الكبير والقتل الذريع، بل العجب العجاب أن تجد هذه الطائفة قد ازدادت قوة وعدة، وأقامت دولا وشيدت حضارات وبرز منها الكثير من العلماء والمفكرين.
فلو كان الأخ السني يرى التقية أمرا محرما فليعمل على رفع الضغط عن أخيه الشيعي، وأن لا يضيق عليه في الحرية التي سمح بها الإسلام لأبنائه، وليعذره في عقيدته وعمله كما عذر أناسا كثيرا خالفوا الكتاب والسنة وأراقوا الدماء ونهبوا الدور، فكيف بطائفة تدين بدينه وتتفق معه في كثير من معتقداته؟ وإذا كان معاوية وأبناء بيته والعباسيون كلهم عنده مجتهدين في بطشهم وإراقة دماء مخالفيهم، فماذا يمنعه عن إعذار الشيعة باعتبارهم مجتهدين؟
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»