{من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} (1).
هذه الجمل الوافية والعبارات المستفيضة لا تدع لقائل مقالا إلا أن يحكم بشرعية التقية بالمعنى الذي عرفته، بل قد لا يجد أحد مفسرا أو فقيها وقف على مفهومها وغايتها يتردد في الحكم بجوازها، كما أنك أخي القارئ لا تجد إنسانا واعيا لا يستعملها في ظروف عصيبة، ما لم تترتب عليها مفسدة عظيمة، كما سيوافيك بيانها عند البحث عن حدودها.
وإنما المعارض لجوازها أو المغالط في مشروعيتها، فإنما يفسرها بالتقية الرائجة بين أصحاب التنظيمات السرية والمذاهب الهدامة كالنصيرية والدروز، والباطنية كلهم، إلا أن المسلمين جميعا بريئون من هذه التقية الهدامة لكل فضيلة رابية.
الآية الثالثة:
قال تعالى: {وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب} (2).
وكانت عاقبة أمره أن: " وقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب " (3).
وما كان ذلك إلا لأنه بتقيته استطاع أن ينجي نبي الله من الموت: " قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين " (4).
وهذه الآيات تدل على جواز التقية لإنقاذ المؤمن من شر عدوه الكافر.