الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٨١
الكتاب والسنة (الفقه الاستدلالي) وهذا ما لا يتيسر للجميع، فهناك من يستطيع ان يقوم بهذه المهمة.
والاسلام لا يشرع حكما فيه حرج، فعلى هذا فان تحصيل العلم للأحكام والشرائع الدينية عن طريق الدليل يعتبر واجبا كفائيا، يختص بالبعض الذي له الكفاءة والقدرة، اما عامة الناس، فيجب عليهم الرجوع، وفقا للقاعدة العامة، وجوب الرجوع الجاهل إلى العالم، (قاعدة الرجوع إلى الخبرة)، وهو مراجعة من يسمون ب المجتهدين الفقهاء ويطلق على هذه المراجعة كلمة (التقليد) ولكن هذا الرجوع والتقليد ليس في أصول الدين 1.
ومما تجدر الإشارة إليه، ان الشيعة، لا تجيز التقليد الابتدائي من المجتهد الميت، والشخص الذي لا يعلم مسألة ما عن طريق الاجتهاد، فإنه وفقا لوظيفته الدينية يجب ان يقلد المجتهد، ولا يستطيع الرجوع إلى فتوى المجتهد المتوفى، ما لم يكن قد قلد في هذه المسألة مجتهدا حيا، وبعد وفاة المرجع والمقلد بقي على تقليده، وهذه المسألة هي إحدى العوامل المهمة التي تجعل الفقه الاسلامي الشيعي يمتاز بالحيوية، فيسعى جماعة للحصول على درجة الاجتهاد، والتحقيق في المسائل الفقهية.
ولكن إخواننا أهل السنة أثر الاجماع الذي حصل في القرن الخامس الهجري، الداعي بلزوم اتباع مذهب من الفقهاء الأربعة وهم: أبو حنيفة والمالكي والشافعي وأحمد بن حنبل، فهم لا يجيزون الاجتهاد الحر، وكذا التقليد من غير هؤلاء الأربعة، وفي النتيجة بقي فقههم كما كان عليه قبل حوالي الف ومائتي سنة، وأخيرا انعزل جماعة من المنفردين عن الاجماع المذكور، واتجه نحو الاجتهاد الحر.

(١) يراجع في هذا الموضوع مبحث الاجتهاد والتقليد من علم الأصول.
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»