وأهل البيت (ع) من موارد الحجج العقلية. والحجج العقلية التي يثبت بها الانسان نظرياته، مع ما لديه من فطرة إلهية تنقسم إلى قسمين: البرهان والجدل.
والبرهان: حجة، ومقدماته الواقعيات، وان لم تكن مشهودة أو مسلمة، وبعبارة أخرى، أمور يدركها الانسان اضطرارا مع ما عنده من فطرة إلهية، ويصادق عليها، كما نعلم (ان عدد الثلاثة أصغر من عدد الأربعة)، فهذا النوع من التفكر، يدعى التفكر العقلي، وإذا تحقق وحصل ذلك في الكليات من العالم والكون، كالتفكر في بدء الخلقة، وعاقبة العالم والعالمين، فهو ما يسمى بالتفكر الفلسفي.
والجدل: حجة، إذا حصلت مقوماته من المشهودات والمسلمات، كما هو متعارف بين معتنقي الأديان والمذاهب، إذ انهم يثبتون آراء ونظريات مذهب مع الأصول المسلمة لذلك المذهب.
والقرآن الكريم يستفيد من الطريقتين، وهناك آيات كثيرة في هذا الكتاب السماوي لكل من هاتين الطريقتين.
أولا: يأمر بالتدبر والتفكر المطلق في الكليات لعالم الطبيعة وفي النظام العام للعالم، وكذا في النظام الخاص، مثل نظام السماء والنجوم والليل والنهار والأرض والنبات والحيوان والانسان وغيرها، ويثني على التتبعات العقلية الحرة ثناء جميلا.
ثانيا: يأمر بالتفكر العقلي الجدلي، ويسمى عادة بالمباحث الكلامية، بشرط ان يتم ذلك بأحسن وجه ممكن وذلك لاظهار الحق بدون لجاجة وأن يكون مقرونا بالأخلاق الحسنة، كما في قوله تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن 1.