الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٨٨
بين فترة وأخرى كان يثور ثائر من العلويين، بما فيها الحروب الدامية، وهذا ما كان يحدث اضطرابا ومشاكل للدولة والخلافة آنذاك.
ومع أن أئمة الشيعة من أهل البيت، لم يكونوا على اتصال بالثائرين، لكن الشيعة مع قلة عددهم في ذلك اليوم كانوا يعتبرون الأئمة هم الهداة إلى الدين ومفترضو الطاعة والخلفاء الحقيقيون للنبي الأكرم (ص)، وكانوا ينظرون إلى الدولة والخلافة العباسية انها تمتاز بما كان يمتاز به كسرى وقيصر وانها تساس بيد فئة لا صلة لها بالاسلام، وان هذه الأجهزة التي تسوس البلاد بعيدة كل البعد عما يتصف به زعماؤهم الدينيون، هذا مما كان يشكل خطرا على الخلافة، ويهددها بالسقوط والزوال.
فكر المأمون في هذه المشاكل والفتن، ورأى أن يبدي سياسة جديدة، بعد أن كانت سياسة أسلافه طوال سبعين سنة سياسة عقيمة لا جدوى فيها. فأظهر سياسته الخادعة بأن يجعل الامام الثامن ولي عهد له، وبهذه الطريقة سوف يقضي على كل فتنة ومشكلة، والسادة من العلويين إذا وجدوا لهم مقاما في الدولة فإنهم لم يحاولوا الثورة أو القيام ضدهم، والشيعة أيضا عندما يشاهدون دنو امامهم من الخلافة التي طالما كانوا يعتبرونها رجسا والقائمين بأمور الخلافة فاسقين، عندئذ سيفقدون ذلك التقدير والاحترام المعنوي لأئمتهم الذين هم أهل البيت، وسرعان ما يسقط حزبهم الديني، ولا يواجه الخلفاء خطرا من هذه الجهة 1.
ومن البديهي بعد أن يحصل المأمون على ما كان يهدف إليه، فان قتل الامام لم يكن بالأمر الصعب، ولغرض تحقق هذه المؤامرة أحضر الامام من المدينة إلى مرو، اقترح عليه الخلافة أولا ثم ولاية العهد ثانيا، فاعتذر الامام، ولكنه استخدم شتى الوسائل لاقناع الامام، وافق الامام بشرط الا يتدخل في

(1) دلائل الإمامة 197 / مناقب ابن شهرآشوب ج 4: 363.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»