الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٨٥
إمامته، وقد تابع الامام السادس عمله في ظروف أكثر ملاءمة، وتفهما.
فاستطاع الامام السادس حتى أواخر زمن إمامته، والتي كانت معاصرة لآخر زمن خلافة بني أمية وأوائل خلافة بني العباس استطاع ان ينتهز هذه الفرصة، لبث التعاليم الدينية وتربية العديد من الشخصيات العلمية الفذة في مختلف العلوم والفنون سواء في العلوم العقلية أو العلوم النقلية.
ومن أشهر أولئك الذين تتلمذوا عند الامام هم: زرارة، ومحمد بن مسلم، ومؤمن الطاق، وهشام بن الحكم، وأبان بن تغلب، وهشام بن سالم، وحريز، وهشام الكلبي النسابة، وجابر بن حيان الصوفي، الكيميائي وغيرهم. وقد حضر درسه رجال من علماء إخواننا السنة، مثل سفيان الثوري وأبي حنيفة، مؤسس المذهب الحنفي، والقاضي المسكوني والقاضي أبي البختري وغيرهم. والمعروف ان عدد الذين حضروا مجلس الامام وانتفعوا بما كان يمليه عليهم الامام أربعة آلاف محدث وعالم 1.
وتعتبر الأحاديث المتواترة عن الامامين الباقر والصادق، أكثر مما رويت عن النبي الأكرم والعشرة من الأئمة الهداة.
لكن الأمر قد تغير في أخريات حياته، حيث الاختناق والتشديد من قبل المنصور الخليفة العباسي، فقام بايذاء السادة العلويين وعرضهم لأعنف أنواع التعذيب وأقساها وقتل بعضهم، مما لم يشاهد نظيره في زمن الأمويين مع ما كانوا يتصفون به من قساوة وتهور.
مارس العباسيون القتل الجماعي للعلويين وذلك بسجنهم في سجون مظلمة، وتعذيبهم والقضاء على حياتهم.
كما أنهم قاموا بدفنهم وهم أحياء، في أسس الأبنية والجدران 2.
أصدر المنصور أمرا طلب فيه جلب الامام السادس من المدينة (وكان

(1) ارشاد المفيد ص 254 / الفصول المهمة ص 204. مناقب ابن شهرآشوب ج 4: 247.
(2) الفصول المهمة ص 212 / دلائل الإمامة ص 111 / اثبات الوصية ص 142.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»