الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٧٨
والسفر الذي هو عازم عليه، والنهضة التي هو قائدها، فأجابهم الحسين (ع)، انني لن أبايع يزيدا، ولا أقر بحكومة جائرة، واني على علم بأنهم يريدون قتلي أينما أقمت، وما تركي لهذه البقعة المكرمة الا حرمة لهذا المكان المقدس (بيت الله الحرام)، والا تهلك حرم الله تعالى، باهراق دمي 1.
سار الحسين إلى العراق، وفي طريقه، وصله نبأ مقتل رسوله ومبعوثه إلى الكوفة، مع أحد من شيعته، على يد والي يزيد، وقد أمر الوالي بعد قتلهم، أن تربط أرجلهم بالحبال، ويدار بها شوارع الكوفة وأزقتها 2.
فكانت الكوفة وضواحيها، تحت مراقبة شديدة من قبل الأعداء، تنتظر قدوم الحسين، والأمارات دالة على قتله لا محالة، وهنا أعلن الحسين مصرحا بنبأ قتله دون تردد، واستمر في سيره 3.
حوصر الحسين (ع) ومن معه من قبل الجيش الأموي، على مسافة سبعين كيلو مترا من مدينة الكوفة، في منطقة تسمى (كربلاء). فكانت تضيق دائرة الحصار على هؤلاء، ويزداد الجيش الأموي عددا وعدة، وآل الأمر إلى أن يستقر الامام مع القلة من أصحابه في محاصرة من قبل ثلاثين ألفا من الأعداء 4.
حاول الامام في هذه الأيام، ان يحكم موقفه، فأخرج من جنده من أخرج، وأمر بأن يجتمع الأصحاب، فاجتمعوا، فقال الإمام (ع) في خطاب بهم، ان القوم لم يريدوا الا قتلي، وانا رافع بيعتي عنكم، فمن أراد منكم الفرار، فليتخذ الليل له سترا، وينجو بنفسه من الفاجعة الموحشة التي تتربص بنا.

(١) ارشاد المفيد ٢٠١ / الفصول المهمة ١٦٨.
(٢) ارشاد المفيد ٢٠٤ / الفصول المهمة ١٧٠ / مقاتل الطالبيين الطبعة الثانية ص ٧٣.
(٣) ارشاد المفيد ٢٠٥ / الفصول المهمة ١٧١ / مقاتل الطالبيين ص ٧٣.
(4) مناقب ابن شهرآشوب ج 4: 98.
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»