الشيعة في الإسلام - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٨١
دمشق حيث مستقر يزيد.
وقد فضحت واقعة كربلاء وكذا ما قام به هؤلاء الأسرى من خطب، وهم ينقلون من بلد إلى بلد، في الكوفة والشام منهم بنت الامام أمير المؤمنين علي (ع) والامام الرابع اللذان كانا من جملة الأسرى، فضحت نوايا بني أمية، وكشفت النقاب عما كان يقوم به معاوية طوال سنوات عدة، حتى أدى الأمر بيزيد أن يستنكر من عماله وأعوانه في الملاء العالم من هذه الواقعة المفجعة.
كانت واقعة كربلاء عاملا مؤثرا عجل في إبادة حكومة بني أمية، وساعدت على ترسيخ مبادئ الشيعة وكان من نتائجها الحروب الدامية طوال اثني عشر عاما، وما لازمتها من ثورات وانتفاضات، ولم يخلص أحد ممن ساهم وشارك في مقتل الحسين وأصحابه من الانتقام والأخذ بالثأر.
وليس هناك أدنى شك لمن يطالع تأريخ حياة الإمام الحسين (ع) ويزيد، والأوضاع في ذلك الوقت، ويدقق النظر فيها بأنه لم يكن هناك سوى طريق واحد، وهو مقتل الحسين (ع) وما كانت نتيجة البيعة مع يزيد الا هتكا لحرمات الاسلام، وهذا ما لم يرض به الامام، لأن يزيد لم يحترم الاسلام، ولم يتصف بصفات تجعله يتقيد أو يراعي شيئا منه، ولا يأبى من سحق وإبادة جميع المقدسات والقوانين الاسلامية.
الا ان أسلافه كانوا يحترمون الشعائر الدينية، ولم يخالفوها في الظاهر، وما كانوا يقومون به من اعمال كانت تصطبغ بصبغة دينية، وكانوا يحافظون على المظاهر الدينية، ويفتخرون بالنبي (ص) وسائر القدوة والزعماء الدينيين الذين كانت لهم منزلة لدى الناس.
ومن هنا يتضح ما يعتقده بعض مفسري الحوادث والوقائع التاريخية بأن الحسن والحسين كانا يتصفان بصفات متباينة، فالحسن يحبذ الصلح على خلاف الحسين الذي كان يرجح الحرب والقتال، في حين ان الأول اتخذ جانب الصلح مع معاوية مع ما كان يلازمه من جيش تقدر عدتهم بأربعين
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»