نظرة في كتاب البداية والنهاية - الشيخ الأميني - الصفحة ٧٥
وقومه; لأن البدأة به تستدعي سبقا من الكفر، ومتى كفر أمير المؤمنين حتى يسلم؟
ومتى أشرك بالله حتى يؤمن؟ وقد انعقدت نطفته على الحنيفية البيضاء، واحتضنه حجر الرسالة، وغذته يد النبوة، وهذبه الخلق النبوي العظيم، فلم يزل مقتصا أثر الرسول قبل أن يصدع بالدين الحنيف وبعده، فلم يكن له هوى غير هواه، ولا نزعة غير نزعته، وكيف يمكن الخصم أن يقذفه بكفر قبل الدعوة؟! وهو يقول (وإن لم نر صحة ما يقول): إنه كان يمنع أمه من السجود للصنم وهو حمل (1) أيكون إمام الأمة هكذا في عالم الأجنة ثم يدنسه درن الكفر في عالم التكليف؟ فلقد كان صلوات الله عليه مؤمنا جنينا ورضيعا وفطيما ويافعا وغلاما وكهلا وخليفة.
ولولا أبو طالب وابنه لما مثل الدين شخصا وقاما بل نحن نقول: إن المراد من إسلامه وإيمانه وأوليته فيهما وسبقه إلي النبي في الإسلام هو المعنى المراد من قوله تعالى عن إبراهيم الخليل (عليه السلام): (وأنا أول المسلمين).
وفيما قال سبحانه عنه: (إذ قال ربه أسلم قال أسلمت لرب

(١) ذكر حديثه في السيرة الحلبية ١ / 285، وسيرة زيني ذحلان 1 / 168، نور الأبصار: 76، نزهة المجالس 2 / 210 (المؤلف رحمه الله)
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»