نظرة في كتاب البداية والنهاية - الشيخ الأميني - الصفحة ٧١
بالعاقبة، وكيف ينكر الجاحظ والعثمانية إن رسول الله (ص) دعاه إلى الإسلام وكلفه التصديق؟! (1).
وروي في الخبر الصحيح أنه كلفه في مبدأ الدعوة قبل ظهور كلمة الإسلام وانتشارها بمكة: أن يصنع له طعاما وأن يدعو له بني عبد المطلب، فصنع له الطعام ودعاهم له فخرجوا ذلك اليوم، ولم ينذرهم (ص) لكلمة قالها عمه أبو لهب.
فكلفه اليوم الثاني: أن يصنع مثل ذلك الطعام وأن يدعوهم ثانية، فصنعه ودعاهم فأكلوا، ثم كلفهم (ص) فدعاهم إلى الدين، ودعاه معهم لأنه من بني عبد المطلب، ثم ضمن لمن يوازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين، ووصيه بعد موته، وخليفته من بعده، فأمسكوا كلهم، وأجابه هو وحده وقال: أنا أنصرك على ما جئت به وأوازرك وأبايعك.
فقال لهم لما رأى منهم الخذلان ومنه النصر، وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة، وعاين منهم الإباء ومنه الإجابة: هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فقاموا يسخرون ويضحكون ويقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمره عليك (2).

(١) رسالة الإسكافي في النقض على عثمانية الجاحظ كما في شرح النهج ١٣ / ٢٤٤.
(٢) مر هذا الحديث الصحيح بألفاظه وطرقه في ج ٢ ص ٢٧٨ - ٢٧٤ المؤلف (رحمه الله) وإليك طرق الحديث كما أوردها المؤلف (رحمه الله) بتهذيب منا:
أخرج الطبري في التأريخ ٢ / ٦٢: عن ابن حميد قال: حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق، عن عبد الغفار بن القاسم بن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، عن عبد الله بن العباس، عن علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله (ص): (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعاني رسول الله... إلى آخر الحديث كما أورده المؤلف هنا.
وبنفس اللفظ أخرجه أبو جعفر الإسكافي المتكلم العربي في كتابه نقض العثمانية كما في شرح النهج ١٣ / ٢٤٤ وقال: وقد روي في الخبر الصحيح... ثم أورد تمام الحديث، وابن الأثير في الكامل ٢ / ٦٠ وبرهان الدين المغربي في أنباء نجباء الأبناء: ٤٦ - ٤٨، وشهاب الدين الخفاجي في شرح الشفا للقاضي عياض ٣ / ٣٧ قال: ذكر في دلائل البيهقي وغيره بسند صحيح، والحافظ السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه ٦ / ٣٩٢، وابن أبي الحديد في شرح نهج النهج ١٣ / ٢١٠، وذكره المؤرخ جرجي زيدان في تاريخ التمدن الإسلامي ١ / ٣١، والأستاذ محمد حسين هيكل في حياة محمد: ١٠٤ من الطبعة الأولى.
والرواية سندا ودلالة مما أطمئن إليها الحفاظ والرواة كما تقدم بعض آثارهم، وهم أساتذة الحديث، واحتجوا به في دلائل النبوة والخصائص النبوية، فلا يلتفت إلى ما قيل في تضعيف عبد الغفار بن القاسم لتشيعه، بعدما أثنى عليه، وبالغ في المدح والثناء ابن عقدة في لسان الميزان ٤ / 43. المؤلف (رحمه الله) وللحديث صور أخرى غير ما ذكره المؤلف هنا، أوصلها (ره) في كتابه الغدير إلى سبع صور أوردها بألفاظها وإسنادها مع ذكر مصادرها ثم ختمها بكلمة الإسكافي حول الحديث رادا على الجاحظ في ج 2 / 280 - 289.
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»