وجعل لكل منهما حدا محدودا، يولج كل واحد منهما في صاحبه ويولج صاحبه فيه، بتقدير منه للعباد فيما يغذوهم به وينشئهم عليه، فخلق لهم الليل ليسكنوا فيه من حركات التعب ونهضات النصب، وجعله لباسا ليلبسوا من راحته ومقامه فيكون ذلك لهم جماما وقوة لينالوا به لذة وشهوة) إلى آخر ما يذكر من فوائد خلق النهار الليل وما ينبغي أن يشكره الانسان من هذا النعم.
وتقرأ أسلوبا آخر في بيان أن جميع الأمور بيده تعالى في الدعاء 7: " يا من تحل به عقد المكاره ويا من يفثأ به حد الشدائد، ويا من يلتمس منه المخرج إلى روح الفرج، ذلت لقدرتك الصعاب، وتسببت بلطفك الأسباب وجرى بقدرتك القضاء ومضت على إرادتك الأشياء، فهي بمشيتك دون قولك مؤتمرة، وبإرادتك دون نهيك منزجرة ".
" الثاني " بيان فضل الله تعالى على العبد وعجز العبد عن أداء حقه. مهما بالغ في الطاعة والعبادة والانقطاع إليه تعالى كما تقرأ في الدعاء 37: (اللهم إن أحدا لا يبلغ من شكرك غاية إلا حصل عليه من إحسانك ما يلزمه شكرا، ولا يبلغ مبلغا من طاعتك وإن اجتهد إلا كان مقصرا دون استحقاقك بفضلك، فأشكر عبادك عاجز عن شكرك، وأعبدهم مقصر عن طاعتك).
وبسبب عظم نعم الله تعالى على العبد التي لا تتناهى يعجز عن شكره فكيف إذا كان يعصيه مجترئا، فمهما صنع بعدئذ لا يستطيع أن يكفر عن معصية واحدة. وهذا ما تصوره الفقرات الآتية من الدعاء 16: (يا إلهي لو بكيت إليك حتى تسقط أشفار عيني، وانتحبت حتى