تعاليم الدين بقي الإمام زين العابدين وسيد الساجدين عليه السلام جليس داره محزونا ثاكلا، وجلس بيته لا يقربه أحد ولا يستطيع أن يفضي إلى الناس بما يجب عليهم وما ينبغي لهم.
فاضطر أن يتخد من أسلوب الدعاء (الذي قلنا أنه أحد الطرق التعليمية لتهذيب النفوس) ذريعة لنشر تعاليم القرآن وآداب الإسلام وطريقة آل البيت، ولتلقين الناس روحية الدين والزهد، وما يجب من تهذيب النفوس والأخلاق وهذه طريقة مبتكرة له في التلقين لا تحوم حولها شبهة المطاردين له، ولا تقوم بها عليه الحجة لهم، فلذلك أكثر من هذه الأدعية البليغة، وقد جمعت بعضها (الصحيفة السجادية) التي سميت (بزبور آل محمد). وجاءت في أسلوبها ومراميها في أعلى أساليب الأدب العربي وفي أسمى مرامي الدين الحنيف وأدق أسرار التوحيد والنبوة، وأصح طريقة لتعليم الأخلاق المحمدية والآداب الإسلامية. وكانت في مختلف الموضوعات التربوية الدينية، فهي تعليم للدين والأخلاق في أسلوب الدعاء، أو دعاء في أسلوب تعليم للدين والأخلاق. وهي بحق بعد القرآن ونهج البلاغة من أعلى أساليب البيان العربي وأرقى المناهل الفلسفية في الإلهيات والأخلاقيات:
فمنها ما يعلمك كيف تمجد الله وتقدسه وتحمده وتشكره وتنوب إليه، ومنها ما يعلمك كيف تناجيه وتخلو به بسرك وتنقطع إليه، ومنها ما يبسط لك معنى الصلاة على نبيه ورسله وصفوته من خلقه وكيفيتها ومنها ما يفهمك ما ينبغي أن تبر به والديك، ومنها ما يشرح لك حقوق