لا نبي بعدي.
فكيف يجوز لهؤلاء النصارى واليهود أن يطمئنوا إلى عقيدتهم ويركنوا إلى دينهم قبل أن يفحصوا عن صحة الشريعة اللاحقة لشريعتهم كالشريعة النصرانية بالنسبة إلى اليهود، والشريعة الإسلامية بالنسبة إلى اليهود والنصارى. بل يجب بحسب فطرة العقول أن يفحصوا عن صحة هذه الدعوى اللاحقة، فإن ثبتت لهم صحتها انتقلوا في دينهم إليها، وإلا صح لهم في شريعة العقل حينئذ البقاء على دينهم القديم والركون إليه.
أما المسلم - كما قلنا - فإنه إذا اعتقد بالاسلام لا يجب عليه الفحص لا عن الأديان السابقة على دينه ولا عن اللاحقة التي تدعى، أما السابقة فلأن المفروض أنه مصدق بها فلماذا يطلب الدليل عليها؟ وإنما فقط قد حكم له بأنها منسوخة بشريعته الإسلامية فلا يجب عليه العمل بأحكامها ولا بكتبها. وأما اللاحقة فلان نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله قال: (لا نبي بعدي) وهو الصادق الأمين كما هو المفروض، (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) فلماذا يطلب الدليل على صحة دعوى النبوة المتأخرة إن ادعاها مدع؟
* * * نعم على المسلم - بعد تباعد الزمان عن صاحب الرسالة واختلاف المذاهب والآراء وتشعب الفرق والنحل - أن يسلك الطريق الذي يثق فيه أنه يوصله إلى معرفة الأحكام المنزلة على محمد صاحب الرسالة، لأن المسلم مكلف بالعمل بجميع الأحكام المنزلة في الشريعة كما أنزلت