ولكن كيف يعرف أنها الأحكام المنزلة كما أنزلت والمسلمون مختلفون والطوائف متفرقة فلا الصلاة واحدة، ولا العبادات متفقة، ولا الأعمال في جميع المعاملات على وتيرة واحدة!... فماذا يصنع؟ بأية طريقة من الصلاة - إذن - يصلي؟ وبأية شاكلة من الآراء يعمل في عباداته ومعاملاته كالنكاح والطلاق والميراث والبيع والشراء وإقامة الحدود والديات وما إلى ذلك؟
ولا يجوز له أن يقلد الآباء. ويستكين إلى ما عليه أهله وأصحابه بل لا بد أن يتيقن بينه وبين نفسه وبينه وبين الله تعالى، فإنه لا مجاملة هنا ولا مداهنة ولا تحيز ولا تعصب، نعم لا بد أن يتيقن بأنه قد أخذ بأمثل الطرق التي يعتقد فيها بفراغ ذمته بينه وبين الله من التكاليف المفروضة عليه منه تعالى، ويعتقد أنه لا عقاب عليه ولا عتاب منه تعالى باتباعها وأخذ الأحكام منها. ولا يجوز أن تأخذه في الله لومة لائم (أيحسب الانسان أن يترك سدى) (بل الانسان على نفسه بصيرة).
(إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا) وأول ما يقع التساؤل فيما بينه وبين نفسه أنه هل يأخذ بطريقة آل البيت أو يأخذ بطريقه غيرهم. وإذا أخذ بطريقة آل البيت فهل الطريقة الصحيحة طريقة الإمامية الاثني عشرية أو طريقة من سواهم من الفرق الأخرى. ثم إذا أخذ بطريقة أهل السنة فمن يقلد من المذاهب الأربعة أو من غيرهم من المذاهب المندرسة؟ هكذا يقع التساؤل لمن أعطي الحرية في التفكير والاختيار، حتى يلتجئ من الحق إلى ركن وثيق.
ولأجل هذا وجب علينا - بعد هذا - أن نبحث عن الإمامة، وأن نبحث عما يتبعها في عقيدة الإمامية الاثني عشرية.