على الخيال ويكفر بعضهم بعضا بالآراء غير المفهومة أو الأمور التي لا تعنيهم، فانشغلوا عن جوهر الدين وعن مصالحهم ومصالح مجتمعهم بأمثال النزاع في خلق القرآن والقول بالوعيد والرجعة وأن الجنة والنار مخلوقتان أو سيخلقان، ونحو هذه النزاعات التي أخذت منهم بالخناق وكفر بها بعضهم بعضا، وهي إن دلت على شئ فإنما تدل على انحرافهم عن سنن الجادة المعبدة لهم، إلى حيث الهلاك والفناء. وزاد الانحراف فيهم بتطاول الزمان حتى شملهم الجهل والضلال وانشغلوا بالتوافه والقشور، وبالأتعاب والخرافات والمجادلات والمباهاة، فوقعوا بالأخير في هاوية لا قعر والأوهام، وبالحروب لها، يوم تمكن الغرب المتيقظ العدو اللدود للاسلام من أن يستعمر هذه البقاع المنتسبة إلى الإسلام وهي في غفلتها وغفوتها، فيرمي بها في هذه الهوة السحيقة، ولا يعلم إلا الله تعالى مداها ومنتهاها (وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون).
ولا سبيل للمسلمين اليوم وبعد اليوم إلا أن يرجعوا إلى أنفسهم فيحاسبوها على تفريطهم، وينهضوا إلى تهذيب أنفسهم والأجيال الآتية بتعاليم دينهم القويمة، ليمحوا الظلم والجور من بينهم. وبذلك يتمكنون من أن ينجوا بأنفسهم من هذه الطامة العظمى، ولا بد بعد ذلك أن يملؤا الأرض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا، كما وعدهم الله تعالى ورسوله وكما هو المترقب من دينهم الذي هو خاتمة الأديان ولا رجاء في صلاح الدنيا وإصلاحها بدونه. ولا بد من إمام ينفي عن الإسلام ما علق فيه من أوهام وألصق فيه من بدع وضلالات،