وهكذا في باقي الأحكام وهذا من عدله ولطفه بعباده. ولا بد أن يكون له في كل واقعة حكم، ولا يخلو شئ من الأشياء من حكم واقعي لله فيه وإن انسد علينا طريق علمه.
ونقول أيضا إنه من القبيح أن يأمر بما فيه المفسدة أو ينهي عما فيه المصلحة، غير أن بعض الفرق من المسلمين يقولون: إن القبيح ما نهى الله تعالى عنه والحسن ما أمر به، فليس في نفس الأفعال مصالح أو مفاسد ذاتية ولا حسن أو قبح ذاتيان.
وهذا قول مخالف للضرورة العقلية، كما أنهم جوزوا أن يفعل الله تعالى القبيح فيأمر بما فيه المفسدة وينهى عما فيه المصلحة. وقد تقدم أن هذا القول فيه مجازفة عظيمة وذلك لاستلزامه نسبة الجهل أو العجز إليه سبحانه. تعالى علوا كبيرا.
وللخلاصة: أن الصحيح في الاعتقاد أن نقول إنه تعالى لا مصلحة له ولا منفعة في تكليفنا بالواجبات ونهينا عن فعل ما حرمه، بل المصلحة والمنفعة ترجع لنا في جميع التكاليف، ولا معنى لنفي المصالح والمفاسد في الأفعال المأمور بها والمنهي عنها فإنه تعالى لا يأمر عبثا ولا ينهى جزافا وهو الغني عن عباده.