القاديانية - سليمان الظاهر العاملي - الصفحة ٣٦
والمريض العاجز. ولا يزال العهد بثورة العراق الكبرى عام 1920 قريبا إلى الأذهان، فقد هاجمه الانكليز فاتحين، وأفتى زعيم الثورة الكبير الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي وبقية زعماء الدين بوجوب الجهاد والمحافظة على البلاد، فهب الشعب العراقي هبة واحدة ولقن الانكليز درسا لن ينسوه إلى الأبد. وقد جاء في " مذكرات مس بل " قولها: " رجال الدين من العلماء في النجف وبغداد وكربلاء والكاظمية وسامراء... كان هؤلاء العلماء شديدي التعصب للإسلام وشديدي الكره لبريطانيا... كان لهم حتى الآن أثر كبير على السكان المتدينين في المدن المقدسة.. " (1).
ولم تكن حال المسلمين في الهند لتختلف عنها في سائر بلادهم الأخرى، فقد قاوموا التسلط الانكليزي والاحتلال الغاشم، وحرضهم علماؤهم على الجهاد في سبيل الله، فضاق الانكليز بذلك ذرعا وظل القلق يساورهم دوما، وحاولوا التماس وسيلة توقف تلك الانتفاضات عند حدها، وتخنق أصوات الأحرار الذين يطالبونهم بالجلاء عن البلاد، ووجدوا ضالتهم عند " القادياني " فقد جند نفسه لتلك المهمة وبذل كل وسعه وطاقته في إيقاف المد الثوري بفتاواه المتوالية في عدم جواز الجهاد ضد الانكليز، وملأ الآذان بصخبه في إرشاده وخطبه ومؤلفاته وسائر الوسائل الممكنة الأخرى، وأمده الانكليز بالمال وجندوا في خدمته الرجال، وهو يواصل مسعاه الخبيث وجهده الخائن، لكن ذلك لم يجده ولم يجد أسياده فتيلا، إذ لم يكن لفتواه سميع غير قومه، وهم أقل من القليل إذا ما قيسوا بعدد المسلمين في مقاطعة البنجاب وحدها، فضلا عما سواها من مقاطعات شبه القارة الهندية.
وكان يفسر الآية الكريمة: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (2) بحسب ميوله الضالة، ويؤكد على أن الانكليز هم أولوا الأمر الذين

(1) تطور الفكرة الأسلوب في الأدب العراقي في القرنين التاسع عشر والعشرين / 21. نقلا عن " مذاكرات مس بل " المطبوعة بالانكليزية.
(2) السناء: 59.
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 41 42 ... » »»
الفهرست