آمنون يا بني أختنا. فقال له العباس: لعنك الله ولعن أمانك، لئن كنت خالنا أتؤمنا وابن رسول الله لا أمان له؟ وتكلم إخوته بنحو كلامه ثم رجعوا (1).
وروى أبو مخنف أيضا وغيره أن عمر بن سعد نادى في اليوم التاسع: يا خيل الله اركبي وأبشري بالجنة. فركب الناس وزحفوا، و ذلك بعد صلاة العصر، والحسين (عليه السلام) جالس أمام بيته محتبيا بسيفه و قد خفق على ركبتيه، فسمعت زينب الصيحة فدنت منه وقالت: أما تسمع الأصوات يا أخي قد اقتربت! فرفع الحسين (عليه السلام) رأسه وأخبرها برؤية رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأنه يدعوه، فلطمت زينب وجهها وقالت، يا ويلتاه، فقال لها: ليس الويل لك يا أخية، أسكتي رحمك الرحمن. ثم قال العباس له: يا أخي قد أتاك القوم فنهض، ثم قال: " يا عباس، اركب بنفسي أنت حتى تلقاهم فتقول لهم: ما لكم؟ وما بدا لكم؟ وتسألهم عما جاء بهم "، فأتاهم العباس في نحو عشرين فارسا فيهم زهير وحبيب فقال لهم: ما لكم وما بدا لكم وما تريدون؟ فقالوا:
جاء أمر عبيد الله أن نعرض عليكم أن تنزلوا على حكمه أو ننازلكم. قال: فلا تعجلوا حتى أرجع إلى أبي عبد الله فأعرض عليه ما ذكرتم، فوقفوا ثم قالوا: القه فأعلمه ذلك، ثم أعلمنا بما يقول. فانصرف العباس يركض فرسه إلى الحسين (عليه السلام) يخبره، ووقف أصحابه يخاطبون القوم حتى أقبل العباس يركض فرسه فانتهى إليهم، فقال: يا هؤلاء: إن أبا عبد الله يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتى ينظر في هذا الأمر، فإن هذا أمر لم يجر بينكم وبينه فيه منطق، فإذا أصبحنا التقينا فإما رضيناه فأتينا بالأمر الذي تسألونه وتسومونه أو كرهنا فرددناه. قال: وإنما أراد بذلك أن يردهم عن الحسين تلك العشية حتى يأمر بأمره ويوصي أهله، وقد كان الحسين (عليه السلام) قال له: " يا أخي إن استطعت أن تؤخرهم هذه العشية إلى غدوة،