فلما دنا عمر بن سعد ورمى بسهم فارتمى الناس، خرج يسار مولى زياد وسالم مولى عبيد الله، فقالا: من يبارز؟ ليخرج إلينا بعضكم، فوثب حبيب وبرير، فقال لهما الحسين: اجلسا، فقام عبد الله بن عمير فقال: أبا عبد الله! رحمك الله ائذن لي لأخرج إليهما: فرأى الحسين رجلا آدم طوالا شديد الساعدين بعيد ما بين المنكبين، فقال [ الحسين]: " إني لأحسبه للأقران قتالا " اخرج إن شئت، فخرج إليهما، فقالا له: من أنت؟ فانتسب لهما، فقالا: لا نعرفك، ليخرج إلينا زهير أو حبيب أو برير. ويسار مستنتل أمام سالم، فقال له عبد الله: يا بن الزانية وبك رغبة عن مبارزة أحد من الناس؟! أو يخرج إليك أحد من الناس إلا وهو خير منك؟! ثم شد عليه فضربه بسيفه حتى برد، فإنه لمشتغل يضربه بسيفه إذ شد عليه سالم، فصاح به أصحابه قد رهقك العبد، فلم يأبه له حتى غشيه فبدره بضربة فاتقاها عبد الله بيده اليسرى فأطار أصابع كفه اليسرى، ثم مال عليه فضربه حتى قتله، وأقبل إلى الحسين (عليه السلام) يرتجز أمامه و قد قتلهما جميعا فيقول:
إن تنكروني فأنا ابن كلب * حسبي ببيتي في عليم حسبي إني امرؤ ذو مرة وعصب * ولست بالخوار عند النكب إني زعيم لك أم وهب * بالطعن فيهم مقدما والضرب قال: فأخذت أم وهب امرأته عمودا، ثم أقبلت نحو زوجها تقول: فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين ذرية محمد (صلى الله عليه وآله)، فأقبل إليها يردها نحو النساء فأخذت تجاذب ثوبه، وتقول: [إني] لن أدعك دون أن أموت معك، (وإن يمينه سدكت على السيف ويساره مقطوعة أصابعها فلا يستطيع رد امرأته) (1) فجاء إليها الحسين (عليه السلام) وقال: " جزيتم من أهل بيت خيرا، ارجعي رحمك الله إلى النساء فاجلسي معهن،