مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ٢ - الصفحة ٩٣
أقول: الآداب: جمع دأب وهو كما في القاموس الشأن والعادة، فالمعنى إما أن يكون ثبوت عاداته وأوصافه الرضية في قلوبهم سببا لعملهم بما يرضيه، بناء على كون اللام تعليلية، أو أن آدابه مثبتة في قلوبهم، وهم يعملون أعمالا تماثل آدابه وأعماله الشريفة، فيكون " اللام " بمعنى الباء، كما في بعض الروايات، وأنهم يعملون الأعمال الصالحة في زمان غيبته لكي يتأدبوا بآدابه، ويتصفوا بصفاته فيكون اللام للغاية، وأيا ما كان، فيثبت المطلوب، وهو كون ثبوت آدابه وأخلاقه في القلب من صفات المؤمنين، ولوازم الإيمان.
ويشهد، لما ذكرنا أيضا شدة اهتمام النبي والأئمة (عليهم السلام)، في كل زمان ببيان صفاته وخصائصه المميزة له عن غيره من الأئمة، فضلا عن سائر الناس كما لا يخفى على المتتبع.
وليس، ذلك إلا للزوم معرفة صفاته، وخصائصه " صلوات الله عليه " على جميع الناس، والوجه فيه ظاهر، وهو توفر دواعي طالبي الرياسة على ادعاء منصبه كذبا وأدل شئ على ذلك وقوعه، فوجب على كل مؤمن أن يعرف إمام زمانه بصفاته الخاصة وآدابه المخصوصة حتى لا يختلج في قلبه شبهة بدعوى ملحد ما ليس أهلا له هذا.
وقد ذكرنا في هذا الكتاب ما فيه كفاية لأولي الألباب، في هذا الباب فعليك بالنظر فيه بابا بعد باب، والله الهادي إلى نهج الصواب.
تنبيه: قد عقدنا في صدر هذا الكتاب بابا في وجوب معرفته والغرض ثمة وجوب معرفة شخصه باسمه ونسبه، وأن الأعمال لا تتم إلا بمعرفة الإمام (عليه السلام) والغرض هنا إثبات وجوب معرفة صفاته وآدابه الخاصة في الجملة، فلا تغفل هذا.
ويدل على وجوب معرفة مولانا صلوات الله عليه بكلا الوجهين، مضافا إلى ما مر أخبار كثيرة:
- منها: ما روي في أصول الكافي (1) بسند صحيح عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال اعرف إمامك فإنك إذا عرفته لم يضرك تقدم هذا الأمر أو تأخر.
- وفيه: (2) بإسناده عن فضيل بن يسار قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله تبارك وتعالى: * (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) * فقال: يا فضيل اعرف إمامك، فإنك إذا عرفت

١ - أصول الكافي: ١ / ٣٧١ باب أنه من عرف إمامه: ح ١.
٢ - أصول الكافي: ١ / 371 ح 2.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»