والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) * الآية.
والكلام في الاستشهاد بالآية الشريفة مبني على ثلاثة أمور:
الأول: إن ظاهر الخطاب وإن كان متوجها إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولكن مفاده تكليف عام لسائر أهل المعرفة والديانة بشهادة الآيات والروايات الدالة على لزوم الدعوة، والدلالة كقوله تعالى: (1) * (إن الذين يكتمون ما أنزلناه من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) * وقوله تعالى (2) * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف) * الخ.
وقد ورد أن القرآن نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة مضافا إلى دلالة العقل، من حيث إن الغرض من بعث الأنبياء، ونصب الأوصياء، وجعل العلماء وحثهم على بث العلم ورواية الأحاديث، وترغيب الناس إليهم، وأمرهم بسؤال أهل الذكر، إنما هو لمعرفة سبيل الله، والوصول إلى طريق النجاة والسعادة فظهر أن الدعوة إلى سبيل الرب وظيفة كل مسلم عارف.
الأمر الثاني: لا ريب في أن المراد بسبيل الرب هو السبيل الذي يحصل بسلوكه رضى الله تعالى كما أنه لا ريب في كون ذلك السبيل معرفة الأئمة، وأتباعهم، فهي العلة التامة التي لا يحصل رضى الله تعالى عن العبد بدونها وإن كان معتقدا بالتوحيد والنبوة، كما أن معرفة مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه، واتباعه، هي العلة التامة لرضى الله تعالى عن العبد، التي لا يحصل رضى الله تعالى عنه ونجاته بدونها وإن كان مقرا معتقدا بسائر الأئمة.
ولهذا ورد في الرواية التي قدمناها في بعض مواضع هذا الكتاب عن الصادق (عليه السلام) إن من أقر بسائر الأئمة، وأنكر الثاني عشر، كمن أقر بسائر الأنبياء، وأنكر محمدا (صلى الله عليه وآله).
ولذلك اختص منصب الشفاعة بمولانا الحجة، في الحديث الذي قدمناه أيضا عن النبي (صلى الله عليه وآله) في وصف الأئمة وذكر مناصبهم في يوم القيامة، إلى أن قال (صلى الله عليه وآله): والمهدي