مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٨٦
دعوتهم محيطة من ورائهم، المؤمنون إخوة، تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم.
فكتبه سفيان، ثم عرضه عليه، وركب أبو عبد الله (عليه السلام)، وجئت أنا وسفيان فلما كنا في بعض الطريق فقال لي: كما أنت حتى أنظر في هذا الحديث.
فقلت له: قد والله ألزم أبو عبد الله رقبتك شيئا لا يذهب من رقبتك أبدا فقال: وأي شئ ذلك؟ فقلت له: ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله قد عرفناه، والنصيحة لأئمة المسلمين، من هؤلاء الأئمة الذين تجب علينا نصيحتهم؟ معاوية بن أبي سفيان، ويزيد بن معاوية ومروان بن الحكم، وكل من لا يجوز شهادته عندنا، ولا يجوز الصلاة خلفهم؟
وقوله: واللزوم لجماعتهم فأي الجماعة مرجئ يقول: من لم يصل ولم يصم ولم يغتسل من جنابة وهدم الكعبة ونكح أمه، فهو على إيمان جبرائيل وميكائيل؟ أو قدري يقول:
لا يكون ما شاء الله عز وجل، ويكون ما شاء إبليس؟ أو حروري يبرأ من علي بن أبي طالب وشهد عليه بالكفر؟ أو جهمي يقول: إنما هي معرفة الله وحده، ليس الإيمان شئ غيرها.
قال: ويحك وأي شئ يقولون؟ فقلت: يقولون إن علي بن أبي طالب والله الإمام الذي يجب علينا نصيحته، ولزوم جماعتهم أهل بيته. قال: فأخذ الكتاب فخرقه، ثم قال لا تخبر بها أحدا.
- ويدل على دعاء (1) إمام كل زمان لشيعته أيضا، ما روي في البحار (2) عن مناقب ابن شهرآشوب عن موسى بن سيار قال: كنت مع الرضا (عليه السلام) وقد أشرف على حيطان طوس، وسمعت واعية فاتبعتها فإذا نحن بجنازة، فلما بصرت بها رأيت سيدي وقد ثنى رجله عن فرسه، ثم أقبل نحو الجنازة، فرفعها، ثم أقبل يلوذ بها، كما تلوذ السخلة بأمها.
ثم أقبل علي وقال: يا موسى بن سيار من شيع جنازة ولي من أوليائنا خرج من ذنوبه كيوم

١ - لا يخفى أن دعاء الإمام (عليه السلام) في حق المؤمن من أكمل إفاضاته له وأجمل عناياته عليه لأن سائر الإفاضات من قبله يتوقف على تحصيله وهذه إفاضة تفوزك بسائر الإفاضات وتوفقك لتحصيل السعادات.
٢ - بحار الأنوار: ٤٩ / 98.
(٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 ... » »»