يكره لأعز أهله، ويناصحه الولاية فبكى ابن أبي يعفور وقال: كيف يناصحه الولاية.
قال (عليه السلام): يا بن أبي يعفور، إذا كان منه بتلك المنزلة بثه همه ففرح لفرحه إن هو فرح، وحزن لحزنه إن هو حزن وإن كان عنده ما يفرج عنه، فرج عنه، وإلا دعا الله له، قال: ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): ثلاث لكم، وثلاث لنا: أن تعرفوا فضلنا، وأن تطأوا عقبنا، وتنظروا عاقبتنا، فمن كان هكذا كان بين يدي الله عز وجل فيستضئ بنورهم من هو أسفل منهم.
وأما الذين عن يمين الله فلو أنهم يراهم من دونهم لم يهنئهم العيش مما يرون من فضلهم، فقال ابن أبي يعفور: وما لهم لا يرون وهم عن يمين الله فقال (عليه السلام)، كان يقول: إن لله خلقا عن يمين العرش بين يدي الله، وعن يمين الله، وجوههم أبيض من الثلج، وأضوأ من الشمس الضاحية، يسأل السائل ما هؤلاء؟ فيقال: هؤلاء الذين تحابوا في جلال الله.
أقول:: وجه الاستشهاد أنه (عليه السلام) قال: فمن كان هكذا، يعني كان فيه الخصال الثلاثة المتعلقة إلى الأئمة (عليهم السلام) كان بين يدي الله عز وجل فيستضئ بنورهم من هو أسفل منهم، ولا يخفى أن الداعي في حق مولاه صاحب الزمان (عليه السلام) بتعجيل الفرج والظهور، وطلب النصرة والسرور، يكون مصداقا للعناوين الثلاثة، لأن الدعاء في حقه (عليه السلام) علامة المعرفة به وبآبائه (عليهم السلام)، ومتابعة لهم في هذا الأمر الجليل ودليل انتظار لعاقبتهم وظهور دولتهم، إن شاء الله تعالى فتدبر.
ومن غريب الأوهام ما وقع لبعض الأعلام (1) في هذا المقام لبيان قول الإمام (عليه السلام)، حيث قال: فمن كان هكذا، أي كانت فيه الخصال الستة جميعا. انتهى.
وأنت خبير بظهور المعنى الذي ذكرناه، خصوصا بملاحظة قوله (عليه السلام): وأما الذين عن يمين الله، وقوله قبل ذلك: ثلاث لكم وثلاث لنا، فإن ذلك كله مما يوضح كون هذا الثواب مترتبا على الخصال الثلاثة، والكون عن يمين الله علاوة لمن اتصف بالخصال الست جميعا، فتدبر.
ثم إن المراد بالكون بين يدي الله تعالى وعن يمينه يحتمل أن يكون نهاية القرب المعنوي إلى الله عز وجل، كما أن أقرب الناس إلى السلطان يكون بين يديه وعن يمينه، ويحتمل أن يكون المراد بكونه عن يمين الله، عن يمين عرش الله ويؤيده استشهاد الإمام (عليه السلام)