أقول: وهذا الوجه أيضا يجري في المقام، كما لا يخفى على ذوي الأفهام فهذه الوجوه عشرة كاملة. يقتضي كون الإجابة للداعي شاملة بسبب دعائه لمولانا القائم عليه الصلاة والسلام الدائم، والله الموفق وهو العاصم.
المكرمة الخامسة عشرة أنه أداء أجر نبوة النبي (صلى الله عليه وآله) في الجملة ويدل على ذلك قول الله عز وجل في سورة حمعسق * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * وإثبات هذا المرام، يتوقف على ذكر مقدمات مرتبطة بالمقام.
الأولى: أن طلب النبي (صلى الله عليه وآله) شيئا أمر، ولو كان بلفظ السؤال.
الثانية: أن طلبه يقتضي الوجوب بإطلاقه، إلا أن يدل دليل على خلافه.
الثالثة: أن للنبي (صلى الله عليه وآله) حق النبوة على الأمة، فيجب عليهم أداء حقه بقدر استطاعتهم.
الرابعة: أن الله تعالى جعل أجر نبوته الراجع إلى العباد المودة في القربى بحكم الآيات والروايات عن أهل بيت العصمة.
الخامسة: في بيان معنى القربى، وأنه ذرية النبي (صلى الله عليه وآله) لا غيرهم ورد أقوال العامة.
السادسة: في بيان معنى المودة وأقسامها.
أما المقدمة الأولى فاعلم أن الأمر على ما هو الحق عند أهل التحقيق هو طلب العالي من الداني إيجاد فعل، سواء كان بلفظ أمرت، أم صيغة إفعل، أم غيرها كان يكون بلفظة السؤال لبعض المصالح، والحكم بمقتضى الحال، أم كان بغير لفظ كالإشارة، والكتابة ونحوهما، والدليل على ما ذكرناه هو التبادر. ألا ترى أنه لو صدر طلب عن شخص جليل بأي لفظ، قيل: أمر فلان بكذا، ولو قال شخص داني: إني آمر بكذا، نسبه العقلاء إلى السفاهة والخرافة وذلك لاختصاص الأمر وضعا بالعالي كاختصاص الدعاء والسؤال وضعا بالداني، واختصاص الالتماس بالمتساوي. وتتبع موارد الاستعمال يشهد لذلك في جميع الأحوال.
وأما قوله تعالى حكاية عن فرعون إذ قال لقومه: * (فماذا تأمرون) * حيث نسب إليهم