مكيال المكارم - ميرزا محمد تقي الأصفهاني - ج ١ - الصفحة ٣٣٥
والعتاب وليس ذلك إلا لما ذكرناه من ظهور الطلب المطلق عند أهل العرف في الطلب الحتمي وانصرافه إلى ذلك من دون حاجة إلى نصب قرينة وجعل علامة بل إرادة خلاف ذلك، يحتاج إلى قرينة حالية أو مقالية، أو دلالة دليل خارج على ذلك ولهذا الوجه يحمل الأوامر الواردة في الشرع على الإيجاب إذا لم يكن قرينة على الاستحباب من دون تأمل وارتياب.
نعم إذا ورد أمر بشئ، كان علينا الفحص والتفتيش عن القرائن في سائر الأخبار المروية عن الأئمة الأطهار إذ كثيرا ما يكون فيها قرائن وشواهد لبعضها الآخر فإن بعضها يكشف عن بعض، وليس ذلك للتأمل في ظهور الطلب المطلق في الإيجاب بل هو لتكثر القرائن والشواهد لخبر وارد في باب في سائر الأبواب، كما أن الأصوليين حكموا بوجوب الفحص عن المخصص، قبل العمل بالعام لكثرة ورود المخصصات في كل مقام، لا للتأمل في ظهور العام كما لا يخفى على أولي الأفهام، فإن وجدنا شاهدا لكون هذا الأمر أمرا ندبيا كان هو الباعث على صرف اللفظ عما هو ظاهر فيه، وإن لم نجد ذلك، لم يكن لنا محيص عن الالتزام بالإيجاب، والله الهادي إلى نهج الصواب.
وبهذه المقدمة ظهر أن الطلب الصادر عن النبي (صلى الله عليه وآله) في هذا الباب بأمر الخالق الوهاب، طلب حتمي بغير ارتياب، كما لا يخفى على أولي الألباب ويشهد له الأحاديث المروية عن الأئمة الأطياب، حيث إنهم استشهدوا بتلك الآية في إثبات الإيجاب.
- ففي تفسير البرهان وغاية المرام (1) عن الحسن بن علي المجتبى (عليه السلام)، في خطبة له قال: وإنا من أهل بيت افترض الله مودتهم على كل مسلم، حيث يقول: * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * (2).
- وفي الكتابين (3) بإسناده عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) لما نزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله) * (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) * قام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أيها الناس، إن الله تبارك وتعالى قد فرض لي عليكم فرضا فهل أنتم مؤدوه؟ فلم يجبه أحد منهم،

١ - غاية المرام: ٣٠٩ المقصد الثاني باب ٦ ح ١١.
٢ - سورة الشورى: ٢٣.
3 - غاية المرام: 209 المقصد الثاني باب 6 ح 14، قرب الإسناد: 78.
(٣٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 330 331 332 333 334 335 336 337 338 339 340 ... » »»